فكلمهم رسول الله «صلى الله عليه وآله» في ذلك ، فقالوا : لا والله ما أعطينا الدنية في أنفسنا في الجاهلية ، فكيف وقد جاء الله تعالى بالإسلام؟
فرجع الحارث فأخبره ، فقال : غدرت يا محمد (١).
فما معنى هذا التهديد والوعيد من عيينة ، ألم يملأها حتى الآن خيلا ورجالا؟!
وهل بقي عنده خيل ورجال غير هؤلاء لم يأت بهم لحرب محمد؟!
والملفت في هذا النص : أن جميع الذين يريد النبي «صلى الله عليه وآله» أن يستشيرهم اسمه سعد ، فما هذه المصادفة العجيبة!! ألم يكن في الأنصار أحد من الرؤساء له اسم آخر؟!
وأمر ثالث يلفت النظر هنا : وهو أنهم اعتبروا أن ذلك معناه إعطاؤه الدنية. فهل كان النبي بصدد أن يعطي الدنية للأعداء؟
ألم يكن يعلم أنهم لم يعطوها في الجاهلية ، فكيف وقد جاء الله تعالى بالإسلام؟!
٥ ـ المراوضة وكتابة الصلح :
والأمر الذي يصعب علينا تفسيره وهو : أنه كيف تمت كل هذه المراحل ، من دون علم السعدين ، أو السعود الأربعة ، وغيرهم من زعماء الأنصار؟! فالنبي «صلى الله عليه وآله» يرسل للأعداء ويستقدمهم ، ويأتون إليه وتجري مراوضة في شأن الصلح ، ثم يرسل النبي «صلى الله عليه وآله»
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥٣٢.