«ثم إن خالد بن الوليد كرّ بطائفة من المشركين يطلب غرّة للمسلمين ، أي غفلتهم ، فصادف أسيد بن حضير على الخندق في ماءتين من المسلمين ، فناوشوهم ، أي تقاربوا منهم ساعة ، وكان في أولئك المشركين وحشي ، قاتل حمزة رضي الله عنه ، فزرق (١) الطفيل بن النعمان ، فقتله.
ثم بعد ذلك صاروا يرسلون الطلائع بالليل ، يطمعون في الغارة ، أي في الإغارة ، فأقام المسلمون في شدة من الخوف» (٢).
لكن صاحب تجارب الأمم يقول : تفرق ذلك الجمع من غير قتال إلا ما كان من عدة يسيرة اتفقوا على الهجوم على الخندق ، يحكى : أن فيهم عمرو بن عبدود فقتلوا (٣).
إلا أن يكون المراد : أنه لم يكن قتال بالسيوف والرماح ، أما الرمي بالنبل والحصا فليس محط نظره.
ملاحظة :
وقبل أن نمضي في الحديث : نلفت نظر القارئ إلى هذا الاهتمام الظاهر بإبراز دور أسيد بن حضير ، الذي قلنا : إن السياسة كانت تهتم بشأنه ، وتعمل على تكريس وتكديس الفضائل له ، مكافأة له على هجومه على بيت فاطمة «عليها السلام» ، وقيامه بدور فاعل في تشييد خلافة قريبه أبي بكر.
__________________
(١) زرق فلانا : رماي بالمزراق ، أي الرمح القصير.
(٢) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٢٣.
(٣) تجارب الأمم ج ٢ ص ١٥٣.