حديث آخر ينسب لأم سلمة :
عن أم سلمة قالت : والله ، إني لفي جوف الليل في قبة النبي «صلى الله عليه وآله» ، وهو نائم إلى أن سمعت الهيعة (١) ، وقائل يقول : يا خيل الله (وكان رسول الله قد جعل شعار المهاجرين : يا خيل الله) ففزع «صلى الله عليه وآله» بصوته ، وخرج من القبة ، فإذا نفر من الصحابة عند قبته يحرسونها منهم عباد بن بشر ، فقال «صلى الله عليه وآله» : ما بال الناس؟
قال عباد : يا رسول الله هذا صوت عمر بن الخطاب ، الليلة نوبته ، ينادي : يا خيل الله ، والناس يثوبون إليه ، وهو من ناحية حسيكة ، ما بين ذباب ومسجد الفتح.
فأمر «صلى الله عليه وآله» عبادا أن يأتيه بالخبر ، فذهب ثم رجع إلى النبي «صلى الله عليه وآله» فقال : يا رسول الله ، هذا عمرو بن عبد في خيل المشركين ، معه مسعود بن رخيلة في خيل غطفان ، والمسلمون يرامونهم بالنبل والحجارة.
قالت : فدخل «صلى الله عليه وآله» فلبس درعه ومغفره وركب فرسه ، وخرج معه أصحابه ، حتى أتى تلك الثغرة ، فلم يلبث أن رجع وهو مسرور ، فقال : صرفهم الله ، وقد كثرت فيهم الجراحة.
ثم دخل «صلى الله عليه وآله» فنام ، فسمعوا هائعة أخرى ، فانتبه «صلى الله عليه وآله» فأخبروه أنه ضرار بن الخطاب ، فلبس «صلى الله عليه وآله» درعه ومغفره وركب فرسه إلى تلك الثغرة ، وعاد في وقت السحر ، وهو
__________________
(١) الهيعة : الصوت المفزع.