يقول : رجعوا مفلولين قد كثرت فيهم الجراحة (١).
ونقول :
قد يمكن للبعض أن يشكك في صحة هذه الرواية ، على اعتبار : أن الروايات الأخرى قد تحدثت عن هزيمة عمر بن الخطاب أمام ضرار ، وأنه كاد أن يقتله ، ثم كف عنه ، لأنه كان لا يقتل قرشيا قدر عليه ، كما سيأتي.
كما أن الطبري وغيره يذكرون : أنه قد اختبأ هو وطلحة وغيرهما في بستان إبان حرب الخندق ، كما سيأتي عن قريب.
ولكن هذا التشكيك يمكن دفعه : بأن عمر لم يواجه حربا بنفسه هنا ، بل واجهها بغيره ، أي بواسطة المسلمين الذين تصدوا للمشركين ، وليس بالضرورة أن يصل به الرعب والخوف إلى حد الهزيمة من ساحة الحرب ، حتى حين يكون المتحاربون هم الآخرون.
غير أن ما يلفت نظرنا هنا : هو ما نراه بوضوح من محاولات جادة لإيجاد دور ما لأشخاص بأعيانهم ، كان لهم دور سلطوي بعد وفاة رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، أو دور في تركيز دعائم السلطة بعده «صلى الله عليه وآله» أو مناوأة آل أبي طالب بشكل أو بآخر ، فنجد الاهتمام بإبراز دور ما لأبي بكر ، ولعمر ، وللزبير ، ولمحمد بن مسلمة ، ولسلمة بن أسلم ، وعباد بن بشر ، وسعد بن أبي وقاص ، وأسيد بن حضير.
والمطلع على تاريخ هؤلاء يجد : أنهم كانوا على العموم من المناوئين
__________________
(١) راجع : المغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٦٦ و ٤٦٧ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٢٣٠ و ٢٣١ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٥.