ثم إن مبدأ الشورى إنما يعمل به قبل اتخاذ القرار ، فما معنى أن يستشير النبي «صلى الله عليه وآله» بعد اتخاذه القرار ، واستقدام عيينة وأصحابه؟!
ح : ولا يصغى بعد هذا لما ذكره البوطي ، من أن ما صدر من النبي لم يخرج عن حدود الاستشارة والرأي ، فلا يعتبر دليلا تشريعيا على جواز إعطاء الجزية للمشركين.
فإن ما صدر عن النبي «صلى الله عليه وآله» كان أكثر من مجرد استشارة في هذا الأمر ، بل قد تعداه إلى استقدام عيينة ، ثم استدعاء عثمان وكتابة الكتاب.
ط : وأما بالنسبة لغنيمة الأعداء لأموال المسلمين بسبب ضعف طارئ ، فإن ذلك لا يغير الحال ، بل يبقى عنوان غنيمة أموال المسلمين بالكره عنهم.
ولو اضطروا لإعطاء الجزية ، فإن إكراههم على ذلك لا يرفع عنوان الجزية عن إعطائهم ذاك. بل هي جزية سواء كان من يعطيها مختارا أو مضطرا لأجل الحفاظ على وجوده وحياته.
ي : ثم إن البوطي قد خلط بين المكره والمضطر ، فإن الاضطرار إلى شيء لا يرفع الحكم التكليفي ، والإكراه غير الاضطرار. فطلاق المكره وهو الذي تخضع إرادته لإرادة الغير ، لا يصح. أما طلاق المضطر ، وبيعه ، فلا إشكال فيه ، كمن اضطر لبيع بيته بثمن زهيد لأجل علاج ولده.
فالخلط بين المكره والمضطر في غير محله ...
المشورة وقيمة رأي النبي صلى الله عليه وآله :
قال المعتزلي : «وكيف يقول المرتضى : إنه «صلى الله عليه وآله» لم يكن محتاجا إلى رأي أحد ، وقد نقل الناس كلهم رجوعه من رأي إلى رأي عند