وملاحظة أخرى نسجلها على هذه الرواية وهي : أن نعيم بن مسعود قد أخبر عيينة بن حصن ومن معه من غطفان بمقالة الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» بالطريقة التي لا بد أن يعرفوا منها : أن نعيما هو الذي أخبر النبي «صلى الله عليه وآله» بما أرسلت به قريظة إليهم. وهو ينطوي على مخاطرة واضحة حين يكتشف عيينة وغطفان أن نعيما قد خانهم وأفشى سرهم ، ولن يسكتوا عن هذا الأمر أبدا.
إلا أن يكون الرواي قد نقل أصل الحدث ذاهلا عن الصياغة الحقيقية التي أظهرها نعيم لقومه.
اللمحات الأخيرة :
١ ـ قد يظهر من بعض النصوص المتقدمة : أن نعيم بن مسعود كان يتجسس للمشركين. وأن رسول الله «صلى الله عليه وآله» كان عارفا بأمره ، فاختاره «صلى الله عليه وآله» ليلقي إليه قوله ذاك الذي انتهى بتخذيل الأحزاب ، وشكهم ببعضهم البعض.
٢ ـ ثم إن لنا تحفظا آخر هنا : وهو أن تسليم سبعين رهينة من أشراف قريش وغطفان إلى النبي «صلى الله عليه وآله» ليقتلهم ، إنما يعني أن يستقل اليهود من بني قريظة بعداوة الأحزاب وكل من له بهم صلة أو هوى في المنطقة بأسرها ، ولا طاقة لليهود بهؤلاء جميعا. بل إن ذلك يحمل معه أخطار إبادتهم عن بكرة أبيهم. فكيف يمكن أن يصدق المشركون أن يقدم اليهود على أمر كهذا؟!.
وهذا يعني : أن ما ذكرته النصوص الأخرى المتقدمة أقرب إلى الصواب.