الذين اعتادوا على نقض العهود والمواثيق ، ولتريهم مصيرهم الذي ينتظرهم. وهي من الرؤى الصادقة ، تماما كرؤيا عاتكة التي حصلت لها قبل حرب بدر ، فإنها هي الأخرى قد جاءت إنذارا لأهل مكة المشركين ، وإقامة للحجة عليهم ، بطريقة تلامس الوجدان الإنساني ، وتثير ضميره ، وتهزه روحيا من الأعماق.
تزوير التاريخ :
يقول بعض المستشرقين عن قبيلة قريظة : «ظلت هذه القبيلة على الحياد فيما يتعلق بالعمل العسكري ، ولكنها قامت بمفاوضات مع أعداء محمد ، ولو أنها وثقت من قريش وحلفائهم من البدو لانقلبت على محمد.
وقد هاجم محمد قريظة ، بعد أن تخلص من أعدائه ، ليظهر أن الدولة الإسلامية الفتية لا تسمح بمثل هذا الموقف المشبوه.
وانسحبت قريظة إلى أطمها ، ولم ترد على الهجوم بحماس ، ثم أرسلت تطلب الاستسلام بنفس الشروط التي استسلم بها بنو النضير ، فأجيبت : أن عليها أن تستسلم بدون قيد أو شرط.
فطلب اليهود استشاره أبي لبابة ، فلبى نداءهم.
أما ما جرى بينهما ، فلا يزال سرا الخ ...» (١).
ونقول :
إننا نسجل على هذا الكلام النقاط التالية :
١ ـ إنه يظهر : أن هذا الكاتب يريد تخفيف ذنب بني قريظة ، وإبهام
__________________
(١) محمد في المدينة ، لمونتجمري وات ص ٣٢٦.