يحمي جسم جيش الشرك وصفوفه من التصدع ، تماما كما كان الحال بالنسبة لما فعله «صلى الله عليه وآله» بين قريظة وقريش وجيش الشرك كما سيأتي.
ولم يتعدّ الأمر حدّ الشائعة ، التي يمكن للمسلمين أن يتفهموا مراميها. ولكن الرواة حرّفوا هذه القضية ونسجوا حولها من خيالهم الشيء الكثير ، ثم استفاد المصطادون في الماء العكر من ذلك ، فنفثوا سمومهم للنيل من الشخصية النبوية الشريفة ، ثم لتبرير ما صدر من معاوية من عمل ذليل مخز ، حين قبل أن يعطي ملك الروم مئة ألف دينار ذهبا ، كي يتفرغ لحرب سيد الوصيين علي أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام بهدف الإجهاز على آخر حصون الإسلام المنيعة ، وإعادة حكم الجاهلية.
بل لقد وجدنا في كلمات الزبير بن باطا ما يشهد على أن غطفان هي التي أرسلت إلى النبي «صلى الله عليه وآله» تعرض عليه أن يعطيها بعض ثمار المدينة مقابل الإنسحاب من المواجهة معه ، فأبى «صلى الله عليه وآله» أن يعطيها إلا السيف.
يقول الزبير بن باطا وهو يحاول إقناع أصحابه بعدم طلب الرهن من قريش : «وهذه غطفان تطلب إلى محمد أن يعطيها بعض ثمار المدينة فأبى أن يعطيهم إلا السيف» (١).
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥٤٣ و ٥٤٤.