ثم قلت : وما عليّ ، وأنا راحل من ساعتي ، فذكرت له ما صار الأمر إليه.
فقلت : إنما نحن بمنزلة ثعلب في جحر ، لو صب فيه ذنوب من ماء لخرج.
ثم قلت له : ما قلته لصفوان وعكرمة ، فأسرع الإجابة ، فواعدني إن سبقني أقام في محل كذا ، وإن سبقته إليه انتظرته.
فلم يطلع الفجر حتى التقينا ، فغدونا حتى انتهينا إلى الهدة ـ اسم محل ـ فنجد عمرو بن العاص بها ، فقال : مرحبا بالقوم.
فقلنا : وبك.
قال : أين مسيركم؟
قلنا : الدخول في الإسلام.
قال : وذلك الذي أقدمني.
وفي لفظ : قال عمرو لخالد : يا أبا سليمان أين تريد؟
قال : والله لقد استقام الميسم ، أي تبين الطريق ، وظهر الأمر ، وإن هذا الرجل لنبي ، فأذهب فأسلم ، فحتى متى؟
وفي نص آخر : أن خالدا قال لعمرو : دخل الناس في الإسلام فلم يبق أحد به طمع ، والله ، لو أقمنا لأخذ برقابنا ، كما يؤخذ برقبة الضبع في مغارتها (١).
قال عمرو : وأنا ما جئت إلا لأسلم.
فاصطحبنا جميعا حتى دخلنا المدينة الشريفة.
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٤٤ وكنز العمال ج ١٣ ص ٣٧١ ـ ٣٧٤ وعن تاريخ مدينة دمشق ج ١٦ ص ٢٢٧ و ٢٢٨ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٧٢ و ٢٧٣ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٥١ و ٤٥٢.