ألف ، أو مائتان وخمسون ألفا وهذه الأعداد تحتاج إلى وقت طويل ، وإلى جهد كبير لجمعها ، وإعدادها.
كما أن جيشا بهذا المستوى لا يعدّه هرقل لمحاربة جماعة صغيرة لم تستطع أن تجهز لأكبر حرب خاضتها أكثر من ألف وخمسمائة مقاتل ..
بل هو يعده لمحاربة جيوش ضخمة ومن هو مثل كسرى في سعة الملك ، وكثرة الرجال ، والتوفر على الأموال التي تمكنه من التجهيزات المتميزة.
وهذا يعطينا : أن هذا الجيش لم يجهزه قيصر لمجرد دفع غائلة سرية مؤتة .. بل لعله أراد به الانقضاض على منطقة الحجاز بأسرها ، للقضاء على دعوة الإسلام واحتلال جزيرة العرب كلها ، في وقت كان يرى فيه انشغال المسلمين بحرب المشركين ، ويهود المنطقة.
ويكون بذلك قد تمكن من توسعة نفوذه ، في منطقة محيطة بملك الأكاسرة ، الذين استطاع أن يسجل نصرا عليهم ، ويريد استثمار هذا النصر في وقت بدا له فيه أنهم غير قادرين على لمّ الشعث ، وجمع الجموع لمواجهته في منطقة حساسة ، وفي قلب الصحراء ، وفي منأى عن أي نفوذ لكلا الدولتين.
ولو كان يرتبط جمع الجموع بدفع سرية مؤتة ، بسبب ما فعله شرحبيل بن عمرو الغساني ، فلماذا يكون العنوان المطروح بين المسلمين هو أنهم : يسيرون لمحاربة ملك الروم؟!
وإذا كنا نعلم : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» كان يرصد كل تحركات أعدائه ، وكان يستطيع من خلال ذلك أن يعرف حتى نوايا الأشخاص ، وما يحدثون أنفسهم به ، فهل يغفل عن تحركات كسرى وقيصر ، وهو قد بعث بالأمس القريب إليهما يدعوهما لاتباعه والدخول في دينه.