بالخطر ، ويستنفرهم إلى الشام (١).
فاجتمع له منهم ثلاثة آلاف رجل ، مع أن المسلمين لم يزيدوا على ألف وخمسمئة ، أو أزيد بقليل كما ظهر في الحديبية وخيبر .. مما يعني أن الذين استجابوا لاستنفاره كان فيهم المسلم وغير المسلم ، لأنهم عرفوا أن الخطب داهم ، وأن المصيبة سوف تعم الجميع ..
فكان خطة رسول الله «صلىاللهعليهوآله» تقضي بالمقاومة ، حتى استشهاد القادة. ثم تتواصل الحرب ويصمد جيش المسلمين ، ولو ساعة واحدة ليدرك قادة جيش الروم ـ وعلى رأسهم ذلك الملك المجرب والخبير بالأمور ـ أن الحرب مع هؤلاء لا نهاية لها .. بدليل أن قتل القادة لا يحسم المعركة معهم ، بل ربما يزيدها تأججا وتوهجا ، فلا بد من حساب الأمور بطريقة أخرى تحمل في طياتها ، التراجع وإيقاف الحرب ، وإعادة النظر في أمر هذا الدين ، ودراسة تعاليمه وحقائقه ، بل ربما يفكر هرقل بإفساح المجال لهذا الدين لينتشر في بلاده ، ولو برجاء أن يكون هو المستفيد من هذه القوة والشوكة ، التي رأى نماذج رائعة منها في مؤتة.
أي أن من جملة ما أراده «صلىاللهعليهوآله» هو أن يفاجئهم بحقيقة أنه حتى قتل القادة لا ينهي الحرب ، بل هي تستمر إلى آخر شخص قادر على حمل السلاح من المسلمين ، وهذا معناه : أن الخسائر التي لا بد أن يمنى
__________________
(١) كما دلت عليه النصوص التي ذكرت : أنه «صلىاللهعليهوآله» أرسل عمرو بن العاص يستنفر العرب إلى الشام (سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٦٧) ، وهو ما ذكر ابن إسحاق أنه حصل قبل مؤتة ، فراجع : سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٧٢ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٧٥.