النبي «صلىاللهعليهوآله» إلى خيبر ، وحاصر حصن النطاة ، وسمع الغطفانيون صائحا يقول : أهلكم ، أهلكم بحيفا ، فلا تربة ، ولا مال.
حيث قال له : يا عيينة ، والله لقد غبرت إن انتفعت.
والله إن الذي سمعت لمن السماء.
والله ، ليظهرن محمد على من ناوأه ، حتى لو ناوأته الجبال لأدرك منها ما أراد الخ .. (١).
وبعد فتح خيبر ـ أيضا ـ حاول عيينة أن يحصل على بعض الغنائم ، فرجع خائبا إلى منزله ، فجاءه الحارث بن عوف ، فقال له :
«ألم أقل لك : إنك توضع في غير شيء؟!
والله ، ليظهرن محمد على من بين المشرق والمغرب .. اليهود كانوا يخبروننا هذا ، أشهد لسمعت أبا رافع ، سلام بن أبي الحقيق الخ ..» (٢).
فإذا كان الحارث بن عوف عارفا بصحة ما جاء به رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وكان على يقين من انتصاره «صلىاللهعليهوآله» على أعدائه ، وأنه لا فائدة من مناوأته ، حتى أصبح يسدي نصائحه مرة بعد أخرى لحليفه عيينة بن حصن ، فلماذا لا يبادر ـ الحارث نفسه ـ إلى حفظ نفسه وقومه ، وحقن دمه ودمائهم ، بإعلان قبوله بالأمر الواقع ، واعترافه بما يعلم أنه حق ، ويحاول إقناع غيره به؟!
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٥٢ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٤١ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٠١ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣٨.
(٢) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٧٦.