لقد كانت جميع الدلائل متوفرة لديه على لزوم المبادرة إلى ذلك ، فإن كان الأمر يتعلق بالآخرة ، فقد صرح في النصوص المتقدمة ، وفي أقواله لعيينة في حرب خيبر : بأن هذا النبي مؤيد من السماء ، وأن اليهود أخبروه بأنهم يجدون في كتبهم ما يدل على صحة نبوته «صلىاللهعليهوآله» ..
وإن كان الأمر يتعلق بالدنيا ، فقد صرح في كلامه لعيينة في خيبر : بأنه لا فائدة من مناوأة رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ..
كما أنه قدم له في هذه المرة الأخيرة شرحا وافيا ، من شأنه أن يقنع عيينة وسواه بأنه يوضع في غير شيء ..
وذكر له : أن الأحداث التي جرت لبني النضير ، وفي الخندق ، وقريظة ، وقينقاع ، وخيبر هي أدلة دامغة على صحة ما يدعوه الحارث إليه.
بل هو يتوقع : أن يوقع النبي «صلىاللهعليهوآله» بقريش أيضا في الوقت المناسب ، ولا يجد من عيينة أي اعتراض على ذلك كله ..
فلماذا لا يبادر إلى العمل بما كانت المصلحة له ولقومه ظاهرة فيه ، بحسب ما يؤمن به ويعتقده؟
ومما يزيد هذه المفارقة وضوحا : أنه استطاع أن يقنع عيينة بما يراه ويعتقده ، حتى لقد اتّعدا على الهجرة ، وإعلان إسلامهما ، ولكن فروة بن هبيرة يفسد هذا الاتفاق بكل سهولة وبساطة ، حيث اكتفيا بمجرد وعد منه بأن يأتيهما بما تفكر فيه قريش ، التي أصبحت معزولة ومحاصرة في محيطها ، وقد فشا الإسلام فيها ، ولم تعد قادرة على منع المسلمين من ممارسة شعائرهم وحرياتهم حتى في داخل مكة بالذات ..
هذا .. وقد تأخر إسلام الحارث بن عوف ، ولم يفلح في التشرف