ونقول :
إن هذه القضية إن دلت على شيء ، فإنها تدل على الأمور التالية :
١ ـ إن سعد بن عبادة الذي رشح نفسه لخلافة رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ولم يوكل الأمر إلى من عينه الله ورسوله ، فيكون معه ، ورهن إشارته ، وطوع أمره.
نعم ، إن سعدا هذا لا يفكر في مستقبل الإسلام في مكة ، وفي المنطقة بأسرها .. وفي كيفية حمايته ، وتقويته ، ونشره ، ولكنه يفكر في أمور تدعوه إليها شهوته ، ويزينها له هواه ، وتعبث به من خلالها شياطين الغواية والإضلال ..
ثم لم يردعه شرفه ، وموقعه ، ولا منعه دينه وتقواه ، من أن يتصفح وجوه النساء حتى لو كن محصنات ، ليتبين معالم الجمال في تلك الوجوه ، ثم يقارن بين ما يراه وما سمعه ..
٢ ـ ثم يغضب عبد الرحمن بن عوف ، ويجبه سعدا ، ولا ندري إن كان قد غضب لله ، أو أنه غضب لانتقاص سعد من جمال نساء قريش ، حمية للعشيرة ، وانسياقا مع العصبية.
٣ ـ وإذا أردنا أن نصدق أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قد قال كلمته المتقدمة في هذه المناسبة بالذات ، ونحن نشك في ذلك ـ كما سنرى ـ فإننا نقول :
إن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يغضب من منطق سعد .. وينتصر لنساء قريش. ولكنه انتصار الأتقياء الأبرار ، والأصفياء الأخيار ، حين يحوّل مسار المقارنة ، من مقارنة بين أمور مبتذلة وساقطة ، وشكلية ، وشهوانية ، لتصبح مقارنة بين واقع راهن. حين يقرن إلى معان سامية ، وقيم إنسانية نبيلة.