وجاءتني أم حكيم على هذا الأمر ، فجعلت تليح إلي وتقول : يا ابن عم ، جئتك من عند أبر الناس ، وأوصل الناس ، وخير الناس ، لا تهلك نفسك.
فوقف لها حتى أدركته ، فقالت له : إني قد استأمنت لك رسول الله «صلىاللهعليهوآله» فأمنك.
فرجع معها ، وقالت : ما لقيته من غلامك الرومي ، وأخبرته خبره ، فقتله ، وهو يومئذ لم يسلم.
فلما وافى مكة قال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنا ، مهاجرا ، فلا تسبوا أباه ، فإن سب الميت يؤذي الحي ، ولا يبلغ الميت» (١).
فجعل عكرمة يطلب امرأته يجامعها ، فتأبى عليه ، وتقول : أنت كافر وأنا مسلمة.
فقال : إن أمرا منعك مني لأمر كبير.
وقالوا : فلما رأى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» عكرمة وثب إليه ـ وما على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» رداء ـ فرحا بعكرمة ، (زاد في بعض المصادر قوله : مرحبا بمن جاء مؤمنا مهاجرا) (٢) ، ثم جلس رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فوقف عكرمة بين يديه ، ومعه زوجته متنقبة ، فقال :
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٥٢ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٩٢ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٩٢ وكتاب التوابين ص ١٢٣ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٨ ص ٩ وكنز العمال ج ١٣ ص ٥٤٢ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤١ ص ٦٣.
(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٩٢ و (ط دار المعرفة) ص ٤٠ وراجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ٩١ و ٩٢ وراجع : تحفة الأحوذي ج ٨ ص ٤.