وأما اعتراض عبد الرحمن بن عوف ، فأهميته تكمن في أنه يأتي من إنسان له ثأر عند بني جذيمة ، علما بأن المقتول هو أبوه. والأب أقرب إلى الإنسان من العم ، فإذا كان من قتل أبوه وهو ولي دمه يؤنب خالدا على ما فعل .. فكيف يمكن أن يعذر خالد فيما أقدم عليه ، وليس هو ولي الدم ، وإنما هو مجرد معتد متعمد للباطل ، طامح للجريمة؟!
وهناك أمر آخر ، وهو : أن إرسال خالد وابن عوف لدعوة بني جذيمة وغيرهم إلى الله تعالى ، من شأنه أن يطمئن أولئك الناس إلى أن أمر الجاهلية قد انتهى ، وأن أحدا لا يؤخذ بإحنة ، ولا يلاحق بجريرة ، وأن المنطقة بأسرها قد دخلت في عهد جديد ، ينعم الناس فيه بالأمن ، والسلام ، والسلامة في الدين ، وفي الدنيا ..
ولو أن آخرين جاؤوا لدعوة بني جذيمة إلى الإسلام ، فإنهم لن يقتنعوا بأن من لهم عندهم ثارات قد تخلوا عن الطلب بها ..
وذلك كله يظهر : أنه لا مناص من إرسال خالد ، وابن عوف.
قال الشيخ المفيد «رحمهالله» عن إرسال خالد إلى بني جذيمة : إنه «صلىاللهعليهوآله» أرسله إليهم «يدعوهم إلى الله عزوجل. وإنما أنفذه إليهم للترة التي كانت بينه وبينهم ، وذلك أنهم كانوا أصابوا في الجاهلية نسوة من بني المغيرة ، وقتلوا الفاكه بن المغيرة ، عم خالد بن الوليد ، وقتلوا أبا عبد الرحمن بن عوف للترة أيضا ، التي كانت بينه وبينهم.
ولو لا ذلك ما رأى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» خالدا أهلا للإمارة