ويؤذنون ، وقد بنوا المساجد في الساحات ، فما هو الداعي إلى أسرهم ، وشد أكتافهم ، وتسليمهم لأصحابه؟! ألا يعد هذا غدرا ظاهرا بهم؟!
وأ لم يكن بإمكان خالد أن يستغني عن أسرهم بأن يتحقق من صحة ما ادّعوه : من أنهم يصلون ، ويؤذنون ، وأنهم أقاموا المساجد في ساحاتهم؟! فيطلب منهم أن يصلوا أمامه ، وأن يؤذنوا ، وأن يدلوه على المساجد التي أقاموها ليراها بنفسه.
وأما زعمه : أنه قتلهم انتقاما للفاكه بن المغيرة ، فهو غريب وعجيب من إنسان ينسب نفسه إلى الإسلام!! فإن الفاكه قد قتل في الجاهلية ، وهو مشرك مهدور الدم ، ولعله كان هو المعتدي عليهم ، أو كان قد قتل ثأرا لدم قتيل آخر. ولا شيء يثبت أنه قتل مظلوما.
على أن المؤرخين قد صرحوا : بأن بني جذيمة قد دفعوا دية الفاكه ودية عوف إلى قريش.
فلما ذا يعود عبد الرحمن بن عوف لقتل قاتل أبيه ، وهو قد أخذ ديته ، ثم يعود خالد لقتل أربع مائة غلام من بني جذيمة (١).
وحتى لو قتل مظلوما ، فإن الإسلام يجب ما قبله.
ولو أراد النبي «صلىاللهعليهوآله» أن يؤاخذ الناس بما صدر منهم قبل إسلامهم لقتل معظم الناس ، بل لوجب قتل الناس كلهم ، لأن جريمة الشرك نفسها تقتضي قتلهم. فضلا عما سوى ذلك مما ارتكبوه ، أو مارسوه ..
ولنفترض : أن قاعدة الإسلام يجب ما قبله ، قد عطلت بالنسبة لمن
__________________
(١) المنمق ص ١٦٤ و ٢٤٨ والسيرة النبوية ج ٤ ص ٧٤.