وهي تقع لجهة الشام .. واليمن تقع في الجهة المقابلة بالنسبة لموقعه من مكة ، فأي تحرك من جهة اليمن باتجاه المدينة سوف يفتضح أمره لدى أهل مكة ، والحالة أنه يريد أن يباغتهم ..
كما أنه «صلىاللهعليهوآله» لم يكن قد استفاد صداقات في تلك البلاد ، ولا أنشأ علاقات مع ملوكها ، ومع أصحاب الأموال فيها ، تدعوهم لتقديم مبالغ ضخمة له ، تسمح بإعطاء عشرات ، بل مئات الديات لأهلها.
فإن كان ثمة من مبادرات في هذا الاتجاه ، فهي تقتصر على أمور جزئية جدا ، ورمزية ، مثل : جارية ، فرس ، غلام ، شيء من الطيب ، خاتم ، حلة ، حمار ، مكحلة ، شيء من العسل ونحو ذلك .. فراجع إحصائيات هدايا ملك الحبشة له .. رغم أنه كان مسلما ، وكذلك إحصائيات هدايا المقوقس ، أو غيره .. فإنها كلها لا تخرج عن هذا السياق ..
ويبقى السؤال :
من الذي جاءه «صلىاللهعليهوآله» بهذا المال الهائل من اليمن ، ولما ذا؟!
إننا إذا استبعدنا احتمال الإمداد الغيبي الإلهي ، فلا نجد جوابا مقنعا ، ومعقولا ، ومقبولا إلا أن نقول :
إن هذا يشير إلى : أن الإسلام كان قد فشا في الناس في مناطق اليمن ، بصورة طوعية. وكان أولئك المسلمون يرسلون إلى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بزكواتهم ، وأخماس أموالهم ، وصدقاتهم ، وسائر ما يتوجب عليهم ..
ومن غير البعيد أيضا : أنهم كانوا حين يسمعون بمسيره «صلىاللهعليهوآله» إلى مكة بهذا الجيش العظيم ، الذي يحتاج إلى نفقات كبيرة جدا ، ولا بد من المساعدة فيها .. يدعوهم شعورهم بالمسؤولية والواجب المتمثل بحفظ