جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ» (١) ونحو : (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) ، (٢) والفاعل في ذلك مرفوع محلّا.
الثاني : وجوب تأخير الفاعل عن رافعه نحو : «قام الزيدان» و «زيد قائم غلاماه» و «قام زيد» ولا يجوز تقديمه على رافعه ، فلا تقول : «الزيدان قام» ولا «زيد غلاماه قائم» ولا «زيد قام» على أن يكون «زيد» فاعلا مقدّما. هذا ما ذهب إليه البصريّون. وذهب الكوفيّون إلى جواز التقديم في ذلك كلّه.
وتظهر فائدة الخلاف في غير صورة الإفراد ؛ فتقول على مذهب الكوفيّين : «الزيدان قام» و «الزيدون قام» ؛ وعلى مذهب البصريّين يجب أن تقول : «الزيدان قاما» و «الزيدون قاموا» فتأتي بألف وواو في الفعل ويكونان هما الفاعلين.
الثالث : عدم جواز حذفه وحده (٣) على ما ذهب إليه الجمهور. وأجاز الكسائي حذفه تمسّكا بنحو قوله تعالى : (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ)(٤) وحديث «لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» ، (٥) وردّ بأنّ الفاعل مستتر لا محذوف ؛ ففي «بلغت» ضمير راجع إلى «الروح» المعلومة من السياق وفي «يشرب» ضمير يعود إلى «الشارب» الذي دلّ عليه الفعل.
__________________
(١). (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). المائدة (٥) : ١٩.
(٢). النساء (٤) : ٧٩.
(٣). أمّا حذفه مع رافعه فيجوز لدليل ، نحو : «نعم» في جواب من قال : «هل قام زيد؟». واستثنى بعض النّحاة من عدم جواز حذف الفاعل مواضع ، منها :
أ. باب النائب عن الفاعل ، نحو : «ضرب بكر».
ب. الاستثناء المفرّغ ، نحو : «ما قام إلّا زيد».
ج. فاعل فعل الجماعة المؤكّدة بالنون ، نحو : «اضربنّ».
د. فاعل المصدر ، نحو : «سقيا ورعيا».
وغير ذلك. وفي المقام بحث. راجع لتحقيق البحث : التصريح على التوضيح وحاشية الصبّان على شرح الاشموني. وكذا يجوز حذف الفعل وحده إذا دلّ عليه دليل ، كما إذا قيل لك : «من قرأ؟» فتقول : «زيد». والتقدير : «قرأ زيد». وإلى هذا أشار ابن مالك بقوله :
ويرفع الفاعل فعل أضمرا |
|
كمثل «زيد» في جواب «من قرا». |
(٤). القيامة (٧٥) : ٢٦.
(٥). من لا يحضره الفقيه (٤) : ٢٢.