جرّ ، نحو : «مررت بزيد». وقد يحذف حرف الجرّ وينصب المجرور حينئذ ، قال الشاعر :
تمرّون الدّيار ولم تعوجوا |
|
كلامكم علىّ إذا حرام (١) |
أي : تمرّون بالدّيار.
وقد يحذف ويبقى المجرور على حاله ، نحو :
إذا قيل أيّ الناس شرّ قبيلة |
|
أشارت كليب بالأكفّ الأصابع (٢) |
أي : إلى كليب. ومذهب الجمهور أنّه لا ينقاس حذف حرف الجرّ مع غير «أنّ» و «أن» بل يقتصر فيه على السماع ، وذهب الأخفش الأصغر (٣) إلى جواز حذف الجارّ مع غيرهما بشرط تعيّن الحرف ومكان الحذف ، نحو : «بريت القلم بالسكّين» فيجوز عنده حذف الباء ، فتقول : «بريت القلم السكّين». فإن لم يتعيّن الحرف لم يجز الحذف ، نحو : «رغبت في زيد» ، فلا يجوز حذف «في» ؛ لأنّه لا يدرى حينئذ هل التقدير «رغبت عن زيد» أو «في زيد» وكذلك إن لم يتعيّن مكان الحذف ، نحو : «اخترت القوم من بني تميم» ، فلا يجوز الحذف ، فلا تقول : «اخترت القوم بني تميم» ؛ إذ لا يدرى هل الأصل «اخترت القوم من بني تميم» أو «اخترت من القوم بني تميم».
أمّا «أنّ» و «أن» فيجوز حذف حرف الجرّ معهما قياسا بشرط أمن اللبس ، نحو قوله تعالى : (أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ)(٤) أي : من أن جاءكم ونحو : «عجبت أنّك قائم» ، أي : من أنّك ؛ فإن حصل لبس لم يجز الحذف ، نحو : «رغبت في أن تقوم» و «رغبت في أنّك قائم» فلا يجوز حذف «في» لاحتمال أن يكون المحذوف «عن» فيحصل اللبس. (٥)
__________________
(١). لم تعوجوا : لم ترجعوا إليها.
(٢). الأصابع : فاعل أشارت ، وقوله «بالأكفّ» حال منه ، أي : أشارت الأصابع حالة كونها مع الأكفّ.
فالإشارة لمجموع الأصابع والأكفّ وفيه مزيد ذمّ لهذه القبيلة.
(٣). هو أبو الحسن على بن سليمان البغدادي تلميذ ثعلب والمبرّد. والأكبر هو أبو الخطّاب شيخ سيبويه والصغير هو أبو الحسن سعيد بن مسعدة تلميذ سيبويه.
(٤). الأعراف (٧) : ٦٣ و ٦٩.
(٥). أمّا قوله تعالى : «وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ». (آل عمران (٣) : ١٢٧) ، فيجوز أن يكون الحذف لصحّة التقديرين كما أجازهما بعض المفسّرين. قال الزمخشري في الكشّاف : يحتمل أن يكون التقدير : «في أن تنكحوهنّ لجمالهنّ» ، أو : «عن أن تنكحوهنّ لدمامتهنّ».