لبس أو كان العامل من بابي «كان» أو «ظنّ» وجب إضمار المعمول مؤخّرا ، نحو : «استعنت واستعان عليّ زيد به» و «كنت وكان زيد صديقا إيّاه» و «ظنّني وظننت زيدا قائما إيّاه». وقيل في باب ظنّ وكان : «يضمر مقدّما» ، وقيل : «يظهر» ، وقيل : «يحذف» ، واختاره ابن هشام ؛ لأنّه حذف لدليل. وإن كان العامل من غير بابي كان وظنّ وجب حذف المنصوب نحو : «ضربت وضربني زيد» و «مررت ومرّ بي زيد» ، وإن احتاج إلى مرفوع أضمرته على وفق الظاهر ، فقلت : «قاما وقعدا أخواك» ؛ ف «أخواك» تنازع فيه «قام» و «قعد» فاعمل «قعد» واضمر في «قام» الفاعل مطابقا للظاهر ولم يبال بالإضمار قبل الذّكر هنا للحاجة إليه كما في «ربّه رجلا زيد». ولا يجوز ترك الإضمار فلا تقول : «قام وقعد أخواك» لأنّ تركه يؤدّي إلى حذف الفاعل والفاعل لا يحذف. هذا مذهب البصريين.
وأجاز الكسائي ذلك بناء على مذهبه من جواز حذف الفاعل.
ونقل الرّضي رحمهالله عن الفرّاء جواز توجّه العاملين معا إلى المتنازع فيما إذا اتّفقا في طلب المرفوع (١) فيكون الاسم الواحد فاعلا للفعلين ، نحو : «قام وقعد أخواك» ، وجوّز أيضا أن تأتي بفاعل الأوّل ضميرا بعد المتنازع ، نحو : «قام وقعد أخواك هما» ، أمّا إذا طلب الثاني للمفعوليّة مع طلب الأوّل للفاعليّة ، فتعيّن عنده الإتيان بالضمير بعد المتنازع ، نحو : «ضربني وأكرمت زيدا هو». (٢)
مسألة : إذا احتاج العامل المهمل إلى ضمير وكان ذلك الضمير خبرا في الأصل عمّا لا يطابق المفسّر وهو المتنازع فيه ، كما لو كان مثنّى والضمير خبرا عن مفرد ، نحو : «أظنّ ويظنّاني زيدا وعمرا أخوين» ، ف «زيدا» مفعول أوّل ل «أظنّ» و «عمرا» عطف عليه و «أخوين» مفعول ثان ل «أظنّ» والياء مفعول أوّل ل «يظنّان» فيحتاج إلى مفعول ثان ، فلو أتيت به ضميرا مفردا فقلت : «أظنّ ويظنّاني إيّاه زيدا وعمرا أخوين»
__________________
(١). الظاهر أنّ مثله اتّفاقهما في طلب المنصوب كما يدلّ عليه عبارة همع الهوامع حيث قال : «وقال الفرّاء : كلاهما يعملان فيه إن اتّفقا في الإعراب المطلوب». وكيف كان ، اختلف كلام النحويين في ما ذهب إليه الفرّاء. راجع : همع الهوامع (٢) : ١٠٩ ، حاشية الصبّان (٢) : ١٠٣ ، البهجة المرضيّة : ١٧٤ ، شرح ابن عقيل (١) : ٥٥٠.
(٢). شرح الكافية للمحقّق الرضي رحمهالله (١) : ٧٩.