فصل : من هذه الحروف ما لفظه مشترك بين الحرفيّة والاسميّة وهو خمسة :
أحدها : الكاف ، واسميّتها مخصوصة بالضرورة عند سيبويه والمحقّقين.
وقال كثير ـ منهم الفارسي والأخفش ـ : «لا تختصّ بالضرورة» ، وجوّزوا في نحو «زيد كالأسد» أن تكون الكاف في موضع رفع و «الأسد» مخفوضا بالإضافة.
الثاني والثالث : «عن» و «على» ، ويشترط في اسميتّهما تقدّم «من» عليهما ، كقوله :
فلقد أراني للرّماح دريئة |
|
من عن يمينى مرّة وأمامي (١) |
أي : من جانب يميني.
وقوله :
غدت من عليه بعد ماتمّ ظمؤها |
|
تصلّ وعن قيض بزيزاء مجهل (٢) |
أي : غدت من فوقه.
والرابع والخامس : مذ ومنذ ، ويستعملان اسمين في موضعين :
أحدهما : أن يدخلا على اسم مرفوع ، نحو : «ما رأيته مذ ـ أو منذ ـ يومان» و «ما رأيته مذ ـ أو منذ ـ يوم الجمعة» وهما حينئذ مبتدءان وما بعدهما خبر ، والتقدير : أمد انقطاع الرّؤية يومان وأوّل انقطاع الرّؤية يوم الجمعة.
وقال أكثر الكوفيّين : هما ظرفان مضافان لجملة حذف فعلها وبقى فاعلها والأصل : «مذ ـ أو منذ ـ كان يومان». (٣)
__________________
بالبا استعن وعدّ عوّض ألصق |
|
ومثل مع ومن وعن بها انطق |
على للاستعلا ومعنى في وعن |
|
بعن تجاوزا عنى من قد فطن |
وقد تجي موضع بعد وعلى |
|
كما على موضع عن قد جعلا |
شبّه بكاف وبها التّعليل قد |
|
يعنى وزائدا لتوكيد ورد |
(١). «دريئة» : الحلقة الّتي يتعلّم عليها الطعن والرمي. وهي مفعول ثان ل «أرى».
(٢). «غدت» : سارت والضمير المستتر فيه يرجع إلى «القطاة» والضمير في «عليه» راجع إلى الفرخ. و «الظّمؤ» مدّة صبرها عن الماء. «تصلّ» : تصوّت أحشاؤها من العطش. وقوله «عن قيض» عطف على قوله «من عليه» و «القيض» القشر الأعلى من البيض. و «زيزاء» : أرض غليظة. و «مجهل» : المكان الذي ليس له أعلام يهتدى بها.
(٣). قال ابن مالك :