فإن كان ب «إيّاك» وأخواته فالعامل محذوف لزوما ، سواء وجد عطف أم لا ، تقول : «إيّاك والأسد» ، ف «إيّاك» منصوب بفعل مضمر وجوبا ، والأصل : «احذر تلاقي نفسك والأسد» ثمّ حذف الفعل وفاعله فصار : «تلاقي نفسك والأسد» ثمّ حذف المضاف الأوّل وهو «تلاقي» وناب عنه «نفسك» فانتصب وصار : «نفسك والأسد» ثمّ حذف المضاف الثاني وناب عنه الضمير فانتصب وانفصل وصار : «إيّاك والأسد».
وتقول : «إيّاك من الأسد» ، والأصل : «باعد نفسك من الأسد» ثمّ حذف الفعل وفاعله والمضاف ، فانفصل الضمير وصار «إيّاك من الأسد».
وقيل : التقدير «أحذّرك من الأسد» فحذف الفعل وفاعله وانفصل الضمير فصار «إيّاك من الأسد».
فنحو «إيّاك الأسد» ممتنع على التقدير الأوّل لأنّ «باعد» لا يتعدّى إلى المفعول الثاني بنفسه. فيلزم أن يحكم بحذف «من» ونصب المجرور وهو غير مطّرد إلّا مع «أنّ» و «أن» كما تقدّم في التعدّي واللزوم ؛ وجائز على الثاني لأنّ «احذّر» يتعدّى إلى المفعول الثاني بنفسه وب «من».
ولا خلاف في جواز «إيّاك أن تفعل» على التقديرين ، فجوازه على الأوّل لصلاحيّته لتقدير «من» ، لأنّ حرف الجرّ ـ كما قلنا ـ يحذف مع «أن» قياسا ، وجوازه على الثاني واضح لتعدّي الفعل إليه بنفسه.
وحقّ التحذير أن يكون للمخاطب وشذّ مجيئه للمتكلّم في قوله : «إيّاي وأن يحذف أحدكم الأرنب» وأشذّ منه مجيئه للغائب في قوله : «إذا بلغ الرّجل الستّين فإيّاه وإيّا الشوابّ».
وإن كان التحذير بغير «إيّاك» وأخواته فلا يجب إضمار الناصب إلّا مع العطف كقولك : «رأسك والسيف» أي : «ق رأسك واحذر السيف» أو تكرار المحذّر منه ، نحو : «الأسد الأسد» أي : احذر الأسد» أو تكرار المحذّر ، نحو : «نفسك نفسك» أي : احذر نفسك».
فإن لم يكن عطف ولا تكرار جاز إضمار الناصب وإظهاره ، نحو : «الأسد» أو «احذر