«إن» المؤكّدة ب «ما» الزائدة ، نحو : «وَإِمَّا تَخافَنَّ».(١) ومن ترك توكيده قوله :
يا صاح إمّا تجدني غير ذي جدة |
|
فما التّخلّي عن الخلّان من شيمى (٢) |
وهو قليل.
هذا مذهب سيبويه. وذهب المرّد والزّجّاج إلى أنّ التوكيد واجب وتركه محمول على الضرورة.
الثالثة : أن يكون التوكيد بهما كثيرا وذلك إذا وقع بعده أداة الطلب ، كقوله تعالى : «وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً».(٣)
ودون هذا إذا وقع بعد «لا» النافية كقوله تعالى : «وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً».(٤) وذهب بعضهم إلى أنّ «لا» في الآية للنهي. أو بعد «ما» الزائدة الّتي لم تسبق ب «إن» كقول الشاعر :
قليلا به ما يحمدنّك وارث |
|
إذا نال ممّا كنت تجمع مغنما |
الرابعة : أن يكون التوكيد بهما قليلا وذلك بعد «لم» ، كقول الشاعر :
يحسبه الجاهل ما لم يعلما |
|
شيخا على كرسيّه معمّما |
وبعد غير «إمّا» من أدوات الشرط ، كقول الشاعر :
فمهما تشأ منه فزارة تعطكم |
|
ومهما تشأ منه فزارة تمنعا (٥) |
وبعد «ربّ» كقول الشاعر :
ربّما أوفيت في علم |
|
ترفعن ثوبي شمالات |
تتمّة : جاء توكيد المضارع خاليا ممّا ذكر وهو في غاية الشذوذ ومنه قوله :
ليت شعري وأشعرنّ إذا ما |
|
قرّبوها منشورة ودعيت |
__________________
(١). الأنفال (٨) : ٥٨.
(٢). «صاح» : منادى مرخّم على غير قياس ، أي : «يا صاحبي». «جدة» : سعة في المال. «الخلّان» : جمع خليل. «شيمى» : جمع «شيمة» ، وهي الخلق والطبيعة.
(٣). إبراهيم (١٤) : ٤٢.
(٤). الأنفال (٨) : ٢٥.
(٥). قوله «منه» ـ في المصراع الأوّل ـ متعلّق ب «تعطكم» وفزارة فاعل «تشأ». والشاهد في «تمنعا». أصله «تمنعن» مؤكّدا بالنون الخفيفة ، فابدلت النون ألفا للوقف.