والثاني : ما يجزم فعلين وهو : إن ، نحو قوله تعالى : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) ، (١) و «من» ، نحو قوله تعالى : (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) ، (٢) و «ما» ، نحو قوله تعالى : (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ) ، (٣) و «مهما» ، نحو قوله تعالى : (وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) ، (٤) و «أي» نحو قوله تعالى : (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) ، (٥) و «أين» ، نحو : «أين تجلس أجلس» و «متى» كقوله :
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره |
|
تجد خير نار عندها خير موقد (٦) |
و «أيّان» كقوله :
أيّان نؤمنك تأمن غيرنا وإذا |
|
لم تدرك الأمن منّا لم تزل حذرا |
و «إذما» كقوله :
وإنّك إذ ما تأت ما أنت آمر |
|
به تلف من إيّاه تأمر آتيا |
و «حيثما» نحو قوله :
حيثما تستقم يقدّر لك اللّا |
|
ه نجاحا في غابر الأزمان |
و «أنّى» نحو قوله :
خليليّ أنّى تأتياني تأتيا |
|
أخا غير ما يرضيكما لا يحاول |
وهذه الألفاظ ـ التي تجزم فعلين ـ كلّها أسماء إلّا «إن» فهي حرف باتّفاق ، وإلّا «إذما» ، فهي حرف عند سيبويه بمنزلة «إن» الشرطية ، وظرف زمان عند المبرّد وابن السّراج والفارسي فإذا قلت : «إذ ما تقم أقم» فمعناه عندهم «متى تقم أقم». ويجوز اتّصال «ما» الزائدة ب «إن» و «أيّ» و «أيّان» و «أين» و «متى» ، قال الله تعالى : «أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ». (٧)
ثمّ إنّ هذه الكلمات على ستّة أقسام :
١ ـ ما وضع لمجرّد تعليق الجواب على الشرط وهو «إن» و «إذما» ، عند من يقول
__________________
(١). البقرة (٢) : ٢٨٤.
(٢). النساء (٤) : ١٢٣.
(٣). البقرة (٢) : ١٩٧.
(٤). الأعراف (٧) : ١٣٢.
(٥). الإسراء (١٧) : ١١٠.
(٦). تعشو : في موضع الحال ، أي : عاشيا ، من «عشا» ، إذا أتى نارا ليرجو عندها خيرا.
(٧). النساء (٤) : ٧٨.