ويستثنى من هذه القاعدة شيئان :
الأوّل : أن يكون العامل قد نصب ضميرين أوّلهما أعرف من الآخر (١) وثانيهما ليس خبرا في الأصل ، فيجوز في الثاني الوجهان ، (٢) نحو : «الدرهم أعطيتكه وأعطيتك إيّاه» وإن كان الضمير السابق مرفوعا وجب الوصل ، نحو : «ضربته» ؛ وإن كان غير أعرف وجب الفصل ، نحو : «أعطاه إيّاك» ومن ثمّ وجب الفصل إذا اتّحدت الرتبة ، نحو : «ملكتني إيّاي». وقد يباح الوصل إن كان الاتّحاد في الغيبة واختلف لفظ الضميرين ومن ذلك ما رواه الكسائي من قول بعض العرب : «هم أحسن وجوها وأنضرهموها» ، (٣) كقوله :
لوجهك في الإحسان بسط وبهجة |
|
أنالهماه قفوا أكرم والد (٤) |
وإن كان الثاني من الضميرين المنصوبين خبرا في الأصل ، فالأرجح عند سيبويه وجماعة الفصل ، (٥) نحو : «خلتني إيّاه» وعند ابن مالك وجماعة الوصل ، (٦) نحو : «خلتنيه».
الثاني : أن يكون الضمير منصوبا ب «كان» أو إحدى أخواته ، (٧) فيجوز فيه الوجهان ، نحو : «الصديق كنته» و «الصديق كنت إيّاه». و «كانه زيد» و «كان إيّاه زيد». وفي الأرجح من الوجهين الخلاف المذكور.
__________________
(١). ضمير المتكلم أعرف من ضمير المخاطب وضمير المخاطب أعرف من ضمير الغائب.
(٢). قال ابن عقيل : «ظاهر كلام أكثر النحويين أنّ الوجهين على السواء وظاهر كلام سيبويه أنّ الاتّصال فيه واجب وأنّ الانفصال مخصوص بالشعر».
(٣). الضمير راجع إلى «وجوها» وهي تمييز فيلزم وقوع الضمير تمييزا. قال الصبّان : «فإمّا أن يجري على القول بأنّ الضمير العائد إلى النكرة نكرة أو على مذهب الكوفي أنّه لا يشترط في التمييز أن يكون نكرة».
راجع : حاشية الصبّان على شرح الأشموني : ١ / ١١٢.
(٤). قوله : «في الإحسان» ، أي : في وقت الإحسان. والبسط : البشاشة ، والبهجة : الحسن والسرور ، وأنال : فعل ماض متعدّ لاثنين ، يقال : «أنال فلانا الشّيء» أي : صيّره يناله. وضمير «هما» في «أنالهماه» يرجع إلى البسط والبهجة ، وضمير «ه» يرجع إلى الوجه. و «قفو» بمعنى الاتباع ، وهو فاعل «أنال». والمراد أنّ ذلك وراثة من آبائه وليس عارضا فيه.
(٥). لكونه خبرا في الأصل ولو بقي على ما كان تعيّن انفصاله.
(٦). إذ الأصل في الضمير الاختصار.
(٧). سواء أكان قبل ذلك الضمير ضمير أم لا ، كما مثّل ابن هشام في أوضح المسالك للقسمين وصرّح بذلك بعضهم ، وإن كان ظاهر كلام جماعة اختصاص البحث بما إذا كان قبله ضمير.