وإن نصبها حرف فإن كان «ليت» وجب إتيان نون الوقاية عند المشهور ، نحو : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً) ، (١) أمّا قول الشاعر :
كمنية جابر إذ قال : «ليتي» |
|
أصادفه وأفقد جلّ مالي (٢) |
فضرورة.
وقيل : «يجوز حذف النون اختيارا لكنّه نادر».
وإن كان «لعلّ» فحذف النون ـ نحو : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ)(٣) ـ أكثر من الإثبات ، كقول الشاعر :
فقلت : أعيراني القدوم لعلّني |
|
أخطّ بها قبرا لأبيض ماجد (٤) |
وفي أخوات «ليت» و «لعلّ» جاز الوجهان على السواء ، كقوله تعالى : (إِنَّنِي أَنَا اللهُ) ، (٥) و «إِنِّي أَنَا رَبُّكَ». (٦) وقيل : «إنّ الحذف فيها أجود من الإثبات».
وإن خفضها حرف ، فإن كان «من» أو «عن» وجبت النون ، كقوله تعالى : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ، (٧) وقوله : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) ، (٨) إلّا في الضرورة ، كقول الشاعر :
أيّها السائل عنهم وعني |
|
لست من قيس ولا قيس مني |
وإن كان غيرهما امتنعت ، نحو : «لي».
وإن خفضها مضاف ، فإن كان «لدن» ـ بمعنى «عند» ـ أو «قط» أو «قد» ـ بمعنى «حسب» أي : «كاف» ـ فالغالب إثبات النون ، كقوله تعالى : «قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً».(٩) والحذف قليل عند المشهور وضرورة عند سيبويه.
__________________
(١). النساء (٤) : ٧٣.
(٢). «المنية» : ما يتمنّي ، وجابر اسم رجل كان يتمنّى لقاء زيد فلمّا تلاقيا ، قهره زيد وغلبه.
(٣). غافر (٤٠) : ٣٦.
(٤). «أعيراني» : أمر من العارية ، وهي أن تعطي غيرك ما ينتفع به مع بقاء عينه ، ثمّ يردّه إليك. «القدوم» : آلة للنّحت والنّجر.
(٥). طه (٢٠) : ١٤.
(٦). طه (٢٠) : ١٢.
(٧). البقرة (٢) : ٣٨.
(٨). البقرة (٢) : ١٨٦.
(٩). الكهف (١٨) : ٧٦.