قوله تعالى : (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) ، (١) فيكون المصدر المؤوّل فاعلا أو سادّا مسدّ الجزئين ، على خلاف في ذلك.
ويبتني على جواز هذا الإسناد فرعان :
أحدهما : أنّه إذا تقدّم على إحداهنّ اسم هو المسند إليه في المعنى وتأخّر عنها «أن» والفعل ـ نحو : «زيد عسى أن يقوم» ـ جاز تقديرها خالية من ضمير ذلك الاسم فتكون مسندة إلى «أن» والفعل وجاز تقديرها مسندة إلى الضمير وتكون «أن» والفعل في موضع نصب على الخبر. ويظهر أثر التقديرين في التأنيث والتثنية والجمع ، فتقول على تقدير الإضمار : «هند عست أن تقوم» و «الزيدان عسيا أن يقوما» و «الزيدون عسوا أن يقوموا» و «الهندات عسين أن يقمن». وهذه لغة تميم. وتقول على تقدير الخلوّ من الضمير : «عسى» ، في الجميع. وهذه لغة الحجاز ، قال الله تعالى : «لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ».)(٢)
الثاني : أنّه إذا ولي إحداهنّ «أن» والفعل وتأخّر عنهما اسم هو المسند إليه في المعنى ـ نحو : «عسى أن يقوم زيد» ـ جاز في ذلك الفعل أن يقدّر خاليا من الضمير فيكون مسندا إلى ذلك الاسم و «عسى» مسندة إلى أن والفعل ، وأن يقدّر متحمّلا لضمير ذلك الاسم فيكون الاسم مرفوعا ب «عسى» وتكون «أن» والفعل في موضع نصب على الخبريّة.
ويظهر أثر الاحتمالين أيضا في التأنيث والتثنية والجمع ، فتقول على وجه الإضمار : «عسى أن يقوما الزّيدان» و «عسى أن يقوموا الزيدون» و «عسى أن يقمن الهندات» و «عسى أن تطلع الشّمس» وتقول على وجه الخلوّ من الضمير : «عسى أن يقوم الزيدان» و «عسى أن يقوم الزيدون» و «عسى أن تقوم الهندات» و «عسى أن تطلع ـ أو يطلع (٣) ـ الشمس». (٤)
__________________
(١). البقرة (٢) : ٢١٦.
(٢). الحجرات (٤٩) : ١١.
(٣). لأنّ الفعل حينئذ اسند إلى اسم ظاهر مجازي التأنيث ، فجاز إلحاق تاء التأنيث به وعدم إلحاقها.
(٤). قال ابن مالك :
بعد عسى اخلولق أوشك قد يرد |
|
غنى ب «أن يفعل» عن ثان فقد |
وجرّدن عسى أو ارفع مضمرا |
|
بها إذا اسم قبلها قد ذكرا |
والفتح والكسر أجز في السّين من |
|
نحو عسيت وانتقا الفتح زكن |