حدّثني القاضي أبو القاسم التّنوخي قال : أبو بشر أحمد بن محمّد بن محمّد الهرويّ فقيه على مذهب الشّافعي ، وكان يخدم أمير المؤمنين القادر بالله قبل الخلافة ، ودرس عليه مذهب الشّافعي. روى أبو بشر حديثا كثيرا ، وأخبارا وآدابا ، وأشعارا وكتبا مصنفة. ومولده بهراة سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة وكان يعرف بالعالم ، وتقلد الحسبة بجانبي مدينة السّلام ، وتقلد قضاء طسوجي مسكن وقطربل وبلاد أذربيجان ، وتوفي في يوم الثلاثاء السابع عشر من شهر ربيع الأول سنة خمس وثمانين وثلاثمائة.
أحد أصدقائنا ، وممن كان يسمع معنا ، وهو ابن أخت أبي القاسم الأزهري ، بكّر به خاله في سماع الحديث من الحسن بن القاسم الدباس الذي روى عن أبي بكر أحمد بن عبد الله صاحب أبي صخرة ، وسمعه أيضا من أبي الحسن بن الصّلت المجبر ، وأبي أحمد الفرضي ، وأبي الحسين بن المتيم ، وأبي عمر بن مهدي ، وأبي الحسين بن المحاملي ، ومن بعدهم.
ولم يزل يحضر معنا المجالس ، ويقرأ على المشايخ ، ويديم الكتابة ، إلى أن توفي مقتولا ، قتله بعض اللصوص ليلا طمعا في أخذ ماله ، وكنت علقت عنه شيئا يسيرا.
حدّثني أحمد بن محمّد القديسي ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن القاسم الجابر ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن القاسم الأنباريّ النّحويّ ـ إملاء ـ حدّثني ابن المرزبان ، حدّثنا أبو محمّد البلخي ، حدّثنا محمّد بن حميد ، حدّثنا جرير قال : جئنا الأعمش يوما فوجدناه قاعدا في ناحية أخرى وفي الموضع خليج من ماء المطر ، فجاء رجل عليه سواد ، فلما أبصر بالأعمش عليه فروة حقّره فقال : قم عبرني هذا الخليج ، وجذب يده فأقامه وركبه وقال : (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) [الزخرف ١٣] فمضى به الأعمش حتى توسط به الخليج ثم رمى به وقال : (وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) [المؤمنون ٢٩] ثم خرج وترك المسود يتخبط في الماء.
قتل أبو المكارم بن القديسي في ليلة الخميس الرابع من شهر ربيع الأول سنة تسع
__________________
(١) ٢٨٠١ ـ هذه الترجمة برقم ٢٤٨٥ في المطبوعة.
(٢) القديسي : هذه النسبة إلى قديس أو قديسة ، قال السمعاني : وظني أنها من أعمال بغداد (الأنساب ١٠ / ٧٧).