يبتني عليها الاستدلال حتى أوسعوا في المخرج عن ذلك دائرة الاحتمال ـ ليس بذلك المراد في المقام ولا المقصود لهم (عليهمالسلام) إذ لا يخفى على المتتبع لجملة اخبارهم والمتطلع في أحكامهم وآثارهم ان غرضهم من إلقاء الكلام إنما هو إفادة الأحكام الشرعية وبيان المعارف الدينية دون التنبيه على الدقائق اللغوية وما لا نفع له في الدين والدنيا بالكلية وان أباه من توفرت رغبته في العلوم العقلية ، وحينئذ فما ربما يشعر به ظاهر رواية الكناني المتقدمة (١) ـ من ترتب الوضوء على عدم حفظ الحدث منه الموهم بان نقض النوم إنما هو لاحتمال الحدث حالته ـ مما يجب ارتكاب التأويل فيه جمعا ، بان يجعل عدم حفظ الحدث منه ـ ان كان ـ دليلا على غلبة النوم على العقل كعدم سماع الصوت مثلا.
لكن روى الصدوق (قدسسره) في العلل والعيون (٢) بسند معتبر عن الفضل بن شاذان في العلل التي رواها عن الرضا (عليهالسلام) قال : «فان قال قائل : فلم وجب الوضوء مما خرج من الطرفين خاصة ومن النوم دون سائر الأشياء؟ قيل : لان الطرفين هما طريق النجاسة ، إلى ان قال : واما النوم فإن النائم إذا غلب عليه النوم يفتح كل شيء منه واسترخى ، فكان أغلب الأشياء فيما يخرج منه الريح ، فوجب عليه الوضوء لهذه العلة. الحديث».
وهو ـ كما ترى ـ صريح في الدلالة على ان نقض النوم انما هو لاحتمال خروج الحدث ، وهو مشكل ، لان قصارى ما يفيده احتمال خروج الناقض بالنوم ، وهو لا ينقض يقين الطهارة ، لما ثبت بالأخبار المستفيضة من عدم نقض اليقين بالشك ، ولا سيما موثقة ابن بكير (٣) الدالة على المنع من الوضوء حتى يستيقن الحدث.
ولا ريب ان الترجيح لهذه الأخبار لصحتها سندا ، وصراحتها دلالة ،
__________________
(١) في الصحيفة ٩٥.
(٢) رواه في العلل في الصحيفة ٩٦ ، وفي العيون في الصحيفة ٢٩٠ ، وفي الوسائل في الباب ـ ٣ ـ من أبواب نواقض الوضوء.
(٣) الآتية في الصحيفة ١٠١.