ورواية علي بن جعفر في كتاب قرب الاسناد (١) حيث سأل أخاه (عليهالسلام) عن المضمضة والاستنشاق قال : «ليس بواجب وان تركهما لم يعد لهما صلاة».
وفي كتاب الخصال (٢) في حديث الأربعمائة قال : «والمضمضة والاستنشاق سنة ، وطهور للفم والأنف».
هذا ما وقفت عليه من الاخبار المتعلقة بذلك ، وهي ـ كما ترى ـ على غاية من التدافع والتنافي ، والجمع بينها ممكن بأحد وجهين :
(الأول) ـ حمل ما دل على نفي كونهما من الوضوء على معنى انهما ليسا من واجباته وان كانا من سننه ، وبهذا جمع الشيخ (عطر الله مرقده) بين الاخبار ، وعليه أكثر أصحابنا (رضوان الله عليهم) ويؤيده نفي الوجوب في رواية قرب الاسناد وظاهر لفظ «ليس عليك» المشعر بنفي الوجوب في رواية الحضرمي.
ويدل على كونهما من سننه رواية عبد الرحمن بن كثير وحديث العهد ورواية عمرو بن خالد ، وحينئذ فيحمل ما دل على كونهما سنة بقول مطلق على انهما من سنن الوضوء ومستحباته.
ولا ينافي ذلك نفي كونهما فريضة أو سنة في رواية زرارة ، إذ الظاهر ان المراد بالفريضة فيها ما كان وجوبه بالكتاب ، والسنة ما كان وجوبه بالسنة النبوية ، فهي نفي للوجوب بطريقيه ، ويؤيده قوله بعد ذلك : «انما عليك. إلخ» الدال بمفهومه على انه ليس عليه مضمضة ولا استنشاق المشعر ـ كما عرفت ـ بنفي الوجوب.
ولعل المبالغة في نفي وجوبهما على وجه يوهم الناظر نفيهما مطلقا هو الرد على العامة ، من حيث مواظبتهم عليهما بل قول جملة منهم بوجوبهما ، كما نقله في المنتهى عن احمد وإسحاق وابن أبي ليلى ، وبعض منهم خص الوجوب بالاستنشاق ، وبعض خص
__________________
(١) في الصحيفة ٨٣ وفي الوسائل في الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الوضوء.
(٢) ج ٢ ص ١٥٧ وفي الوسائل في الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الوضوء.