وجوبهما بالطهارة الكبرى (١).
(الثاني) ـ حمل النفي في تلك الاخبار على نفي كونهما من الوضوء مطلقا ، يعني لا من واجباته ولا من مستحباته ، وحمل ما عدا ذلك مما دل على كونهما سنة على ثبوت استحبابهما في حد ذاتهما لا لأجل الوضوء.
وإلى هذا جنح شيخنا المحقق صاحب رياض المسائل وحياض الدلائل وبالغ في نصرته ، فقال بعد ذكر كلام في المقام : «والتحقيق ان نقول يجب الجزم بأنهما ليسا من سنن الوضوء المنسوبة إليه المرتبطة به ، بحيث علم من الرسول (صلىاللهعليهوآله) وأهل بيته (صلوات الله عليهم) قولا أو فعلا أو تقريرا للواظبة عليهما غالبا عند ارادة الوضوء ، وتوظيفهما في ذلك الوقت من حيث الخصوص كما هو شأن السنة ، ثم استند إلى خلو الأخبار البيانية عنهما ، ثم طعن في رواية عبد الرحمن بن كثير بضعف السند ، وفي موثقتي سماعة وأبي بصير الدالة أولاهما على انهما من السنة ، بأنه أعم من المدعى ،
__________________
(١) في بدائع الصنائع ج ١ ص ٢١ «عند احمد بن حنبل هما فرضان في الوضوء والغسل جميعا» وكذا في تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٢٣. وفي الميزان للشعرانى ج ١ ص ١٠٦ «اتفق الأئمة الثلاثة على استحباب المضمضة والاستنشاق في الوضوء ، وفي أشهر الروايتين عن احمد وجوبهما في الحدث الأكبر والأصغر» وفي المحلى ج ٢ ص ٤٨ ما ملخصه «المضمضة ليست فرضا فتركها عمدا أو نسيانا لا يخل بالوضوء والصلاة. واما الاستنشاق بنفسه ثم النثر بأصابعه فلا بد منه مرة لا يجزئ الوضوء ولا الصلاة دونهما لا عمدا ولا نسيانا. وفي ص ٥٠ قال مالك والشافعي : ليس الاستنشاق والاستنثار فرضا لا في الوضوء ولا في الغسل من الجنابة. وقال أبو حنيفة : هما فرض في غسل الجنابة لا الوضوء. وقال احمد وداود : هما فرضان في الوضوء لا في غسل الجنابة ، وليست المضمضة فرضا لا في الوضوء ولا في غسل الجنابة» وفي تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٢٣ نسب إلى أبي حنيفة وجوب للمضمضة والاستنشاق في الغسل دون الوضوء ، وذكر أيضا انه روى عنه وجوب الاستنشاق دون المضمضة. وفي شرح النووي على صحيح مسلم بهامش إرشاد الساري ج ٢ ص ٣١٤ نسب إلى ابن أبي ليلى وإسحاق بن راهويه الموافقة لأحمد بن حنبل في الوجوب فيهما.