وأخراهما على انهما من الوضوء ، بالمعارضة بصحيحة زرارة (١) «انهما ليسا من الوضوء». مع قبولها للتأويل بكونهما من الوضوء اللغوي ، لأنهما طهور للفم والأنف ، ثم طعن في رواية عمرو بن خالد بضعف السند لاشتماله على رجال من العامة ، وانها تنادي بالتقية لاشتمالها على الأمر بغسل الرجلين وتخليل أصابعهما ، ثم قال : فكيف يتجرأ على الفتيا بكون شيء سنة موظفة في شيء مع عدم ورود ما يصلح لإثبات ذلك ، إلى ان قال : واما كونهما سنة في الجملة فالظاهر ذلك ، لما ذكرنا من موثقة سماعة (٢) ثم ذكر جملة من الأخبار الدالة بظاهرها على الاستحباب مطلقا.
أقول : وفيه (أولا) ـ ان خلو اخبار الوضوء البياني عن ذلك لا يدل على نفي الاستحباب في الوضوء ، لاحتمال تخصيص البيان بما هو الواجب كما صرح به البعض ولخلوها كملا عن الأدعية الموظفة في الوضوء وعن السواك ، مع ثبوت استحبابهما إجماعا نصا وفتوى ، وخلو كثير منها عن التسمية.
و (ثانيا) ـ ان رواية عبد الرحمن وان ضعف سندها بناء على هذا الاصطلاح المحدث الذي لم يقم على اعتباره دليل ، مع ما في جملة من أحكامه من القال والقيل ، كما شرحنا بعض ذلك في المقدمة الثانية (٣) إلا انها صحيحة بالدستور القديم والنهج القويم الذي عليه كافة علمائنا المتقدمين من المحدثين والمجتهدين ، سيما الثلاثة المحمدين الذين هم أساطين الدين ونخبة المعتمدين ، وقد رووها كملا في مسانيدهم ، مع تصريحهم في أوائل كتبهم بان جميع ما يروونه صحيح مقطوع على صحته ، وقد اعتمد أصحاب هذا الاصطلاح على كثير من مراسيل الفقيه بناء على ما صرح به في أول كتابه ، كما لا يخفى على من نظر في الكتب الاستدلالية ، على انهم قد قرروا في جملة اصطلاحاتهم جبر الضعف بالشهرة ، وشهرة الرواية المذكورة ـ بين أصحابنا (رضوان الله عليهم) سلفا وخلفا
__________________
(١) المتقدمة في الصحيفة ١٥٧ وقد وصفها هناك بأنها حسنة.
(٢) المتقدمة في الصحيفة ١٥٧.
(٣) في الصحيفة ١٤ من الجزء الأول.