والعمل بما اشتملت عليه ـ مما لا يتجشم إنكاره ، وقد رواها البرقي في المحاسن (١) أيضا وهو مؤيد لما قلنا.
و (ثالثا) ـ ان ما ذكره ـ من انه لم يعلم من الرسول (صلىاللهعليهوآله) ولا من أهل بيته (عليهمالسلام) توظيفهما في الوضوء ـ معارض بأنه لم يعلم منهم أيضا الإتيان بهما في غير حال الوضوء ، فإن التجأ إلى إطلاق الاخبار بأنهما من السنة ، قلنا : العام لا دلالة له على الخاص. وان قيل : الفرض نفي استحبابهما في الوضوء ، قلنا : الاستحباب قد ثبت بجملة من الاخبار المذكورة آنفا كرواية عبد الرحمن المذكورة (٢) ورواية العهد (٣) ورواية عمرو بن خالد (٤) واشتمال آخر الأخيرة على ما يشعر بالتقية لا يقتضي بطلان الاستدلال بها على ما عدا موضع التقية ، إذ سبيلها فيما لا معارض له سبيل العام المخصوص في غير موضع التخصيص ، سيما مع الاعتضاد بما ذكرنا من الاخبار ، وهي موثقة أبي بصير وظاهر موثقة سماعة ، فإن قوله فيها : «هما من السنة» وان كان أعم من كونه في الوضوء أم لا إلا ان قوله : «فان نسيتهما. إلخ» يعين ما قلناه ، إذ لا ارتباط بين استحبابهما مطلقا وبين توهم الإعادة لهما.
وحينئذ فما عدا ما ذكرنا من الأخبار مما كان مطلقا فسبيله الحمل على المقيد رعاية للقاعدة المقررة ، وما كان متضمنا للنفي فوجهه الحمل على نفي الوجوب كما قدمنا. وعلى ذلك تنتظم الاخبار ويزول عنها غبار الغيار.
وما نقله في المختلف عن ابن أبي عقيل هو بعينه مضمون رواية زرارة المتقدمة (٥) لأن من شأنه (قدسسره) في كتابه ـ بل جملة المتقدمين ـ التعبير بمتون الاخبار ، وحينئذ فيحمل كلامه على ما تحمل عليه الرواية ، وبذلك يتبدل الاختلاف بالائتلاف كما لا يخفى على من نظر بعين الإنصاف.
__________________
(١) في الصحيفة ٤٥.
(٢) والآتية في الصحيفة ١٦٧.
(٣ و ٤ و ٥) في الصحيفة ١٥٧.