بترتب القضاء على الأداء ، وهو خلاف ما عليه محققو الأصحاب ، وخلاف ما يستفاد من الأدلة من ان القضاء موقوف على أمر جديد ولا ترتب له على الأداء.
ولو قيل : ان الاخبار قد صرحت بأن الصلاة لا يقبل منها إلا ما اقبل عليه وربما قبل نصفها وربما قبل ثلثها وهكذا ، مع انها صحيحة إجماعا ، فالصحة حينئذ غير القبول.
قلنا : فيه ـ بعد ما عرفت ـ ان الأمر بالإقبال في العبادة انما هو أمر استحبابي وهو ما يوجب امتثاله مزيد الفضل والأجر ، لا أمر إيجابي ليكون تركه موجبا لترك الأجر بالكلية وعدم القبول بالمرة ، وحينئذ فتحمل هذه الاخبار على القبول الكامل كما لا يخفى.
على ان ثبوت الصحة فيما نحن فيه من عبادة الرياء على القول الآخر ممنوع :
(أما أولا) ـ فلان سقوط ما وجب في الذمة بيقين فرع وجود المسقط يقينا والمسقط هنا غير معلوم حينئذ ، إذ لا تسقط العبادة بغير جنسها وان تحلى بجنس صورتها ولا تتأدى الطاعة بجعلها لباسا وقالبا لضرتها.
ويرشد إلى ذلك. ما رواه أبو بصير عن الصادق (عليهالسلام) (١) قال : «سألته عن حد العبادة التي إذا فعلها فاعلها كان مؤديا. قال : حسن النية بالطاعة».
ومع هذا فكيف يمكن ان يقال ان العبادة الواقعة على وجه الرياء صحيحة بمعنى مسقطة للقضاء؟
و (اما ثانيا) ـ فلأنك قد عرفت ـ مما تقدم من الآيات والاخبار الدالة على جعل مناط الصحة هو الإخلاص وان الرياء شرك ـ ما هو صريح في البطلان ولزوم العقاب بالمخالفة ، فكيف يتم القول بالصحة الموجبة لسقوط العقاب؟
واما ما ذكر من الظواهر فالظاهر ان المراد بعدم القبول فيها يعنى القبول الكامل ، بمعنى عدم ترتب الثواب المضاعف الموعود به. على انه قد ورد في تفسير الآية الأولى عن أهل
__________________
(١) رواه صاحب الوسائل في الباب ـ ٦ ـ من أبواب مقدمة العبادات.