كما هو ظاهر مرسلة جميل المتقدمة (١) ومثلها رواية عثمان بن يزيد ـ واستظهر بعض مشايخنا المتأخرين انه تصحيف عمر بن يزيد بقرينة رواية ابن عذافر عنه ، فتكون الرواية صحيحة ـ عن الصادق (عليهالسلام) (٢) قال : «من اغتسل بعد طلوع الفجر كفاه غسله إلى الليل في كل موضع يجب فيه الغسل ، ومن اغتسل ليلا كفاه غسله الى طلوع الفجر».
فان ظاهرهما الدلالة على الاجتزاء بالغسل الواقع أول النهار عن كل غسل نهاري ، وهو أعم من ان تكون غايته حاصلة قبل الفعل أو متجددة بعده. والظاهر ان المراد بالوجوب واللزوم فيهما مجرد الثبوت ، إذ يبعد الجزم بإرادة المعنى المصطلح عليه بين المتفقهة من كلامهم (عليهمالسلام) سيما مع وجود القرينة الدالة على ما قلنا من عده (عليهالسلام) في حسنة زرارة في جملة ما يجزئ الغسل عنه بعد الفجر جملة من الأغسال المستحبة ، بل هي الأكثر ، إذ لم يعد في صدر الرواية من الواجبات سوى غسل الجنابة مع انك قد عرفت ان الظاهر ان ذلك انما خرج مخرج التمثيل ، على ان احتمال الواجبة بناء على ما قلنا ـ غير ممكن ، لأن الأغسال الواجبة كغسل الجنابة ونحوه مسببة عن إحداث خاصة ، ولا يعقل تقدم المسبب على سببه ، وحينئذ فتكون الروايتان المذكورتان مخصوصتين بالأغسال المستحبة إذا تجددت غاياتها بعد الفعل ، ولفظ «يجب» و «يلزم» في الروايتين ظاهر في التجدد.
واما ما ظنه بعض مشايخنا المتأخرين ـ من قوله (عليهالسلام): «إذا اجتمعت لله عليك حقوق. الحديث». حيث انه دال بمفهوم شرطه على عدم اجزاء الغسل الواحد قبل اجتماع الحقوق عنها ، فيكون منافيا لظاهر الخبرين الأولين ـ
ففيه (أولا) ـ ان دلالة الخبرين الأولين على ما ذكرناه ـ بناء على ما حققناه ـ
__________________
(١) في الصحيفة ٢٠٠.
(٢) رواها صاحب الوسائل في الباب ـ ٩ ـ من أبواب الإحرام من كتاب الحج.