ومن ذلك ـ ما صرح به في كتاب مجمع البحرين حيث قال : «والمقدم بفتح الدال والتشديد نقيض المؤخر ، ومنه مسح مقدم رأسه» انتهى. وفيه دلالة واضحة على انه المراد شرعا.
وقال في الصحاح : «ومؤخر الشيء نقيض مقدمه».
وقال في المصباح : «ومؤخر كل شيء بالتثقيل والفتح خلاف مقدمه».
واما المعنى الثاني وهو إطلاقه على الناصية فلا دليل فيه على ما ادعاه (طاب ثراه) فإن الناصية عند أهل اللغة إنما هي عبارة عن القصاص الذي هو لغة وشرعا آخر منابت شعر الرأس ، قال في القاموس : «الناصية قصاص الشعر» ومثله في المصباح. وفي مجمع البحرين : «الناصية قصاص الشعر فوق الجبهة» والناصية عند الفقهاء ـ كما تقدم في كلام العلامة في التذكرة ، وهو الذي يدعيه شيخنا المزبور ويخص موضع المسح به ـ هو ما ارتفع عن القصاص حتى يسامت أعلى النزعتين ، وحينئذ فإطلاق المقدم على الناصية في عبارة القاموس ـ مع ما عرفت من معناها لغة ـ لا دليل فيه على ما ادعاه. ومع تسليم ان المراد بها ما ادعاه ، ففيه انه قد أطلق فيه أيضا على ما ادعيناه ، وهو المعنى الأول فالتخصيص بما ادعاه ترجيح من غير مرجح ، بل المرجح في جانب المعنى الذي ادعيناه حيث انه مما اتفقت عليه كلمة العرف واللغة كما عرفت ، فحمل الأخبار عليه أظهر البتة. على ان هذا المعنى الذي ذكره لم نجده في شيء من كتب اللغة بعد الفحص سوى القاموس. وكيف كان فلا ريب في رجحان مقابله.
ومما نقله أيضا في رسالته عبارة المصباح المنير ، حيث قال فيه : «الناصية قصاص الشعر وجمعها النواصي. ونصوت فلانا نصوا من باب قتل : قبضت على ناصيته. وقول أهل اللغة ـ : النزعتان هما البياضان اللذان يكتنفان الناصية ، والقفا مؤخر الرأس والجانبان ما بين النزعتين والقفا ، والوسط ما أحاط به ذلك. وتسميتهم كل موضع باسم يخصه ـ كالصريح في ان الناصية مقدم الرأس ، فكيف يستقيم على هذا تقدير الناصية بربع