نعم يبقى الكلام في التوفيق بين روايات الإصبع والثلاث ، ويمكن ذلك بأحد وجوه :
(منها) ـ حمل روايات الإصبع ـ حيث انها قد اتفقت على المسح بها تحت العمامة ـ على الضرورة ، لما في رواية حماد عن الحسين (١) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليهالسلام) : رجل توضأ وهو معتم فثقل عليه نزع العمامة لمكان البرد؟ فقال ليدخل إصبعه». وهذا هو ظاهر الشيخ في النهاية كما سلف في عبارته.
و (منها) ـ حمل الإصبع على أقل الواجب والثلاث على الاستحباب ، كما هو ظاهر المقنعة ، وصريح الدروس ، وظاهر غيره أيضا كما مر.
و (منها) ـ حمل روايات الثلاث على مسح هذا المقدار في عرض الرأس والإصبع الواحدة على كونه في الطول ، فان ظاهر روايات الثلاث اعتبار مسح هذا المقدار لا وجوب كونه بثلاث أصابع ، وان كان ظاهر عبارة الصدوق تعين كونه بثلاث أصابع ، الا انه خلاف ظاهر الأخبار ، فيجب تأويله ورده إليها.
وأكثر الأصحاب حملوا روايات الإصبع والثلاث على هذا الوجه ، لكن القائلين منهم بالاكتفاء بالمسمى ولو بجزء من إصبع يجعلون ذلك على جهة الاستحباب ، قال شيخنا المحقق الثاني في شرح القواعد : «اعلم ان المراد بمقدار ثلاث أصابع في عرض الرأس ، اما في طوله فمقداره ما يسمى ماسحا ، ويتأدى الفضل بمسح المقدار المذكور ولو بإصبع» انتهى.
واما ما احتمله بعض متأخري المتأخرين من جواز ان يكون الأمر بإدخال الإصبع في تلك الأخبار لأن يكون آلة للمسح ـ بناء على ما قدمناه من كلام شيخنا الشهيد الثاني ـ فبعيد جدا.
وما ذكره بعض مشايخنا المحققين ـ من ان استناد الشيخ في وجوب مسح
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الوضوء.