على الرأس موضع ثلاث أصابع ، وكذلك الرجل».
ونقل في الذكرى عن ابن الجنيد تخصيص اعتبار الثلاث بالمرأة دون الرجل ، وتخصيص الرجل بالإصبع الواحدة ، حيث قال : «يجزئ الرجل في المقدم إصبع والمرأة ثلاث أصابع» ولعله استند إلى صحيحة زرارة المتقدمة ، ولعل من استند إليها مطلقا بنى على عدم وجود القائل بالفرق ولم يعتبر بخلاف ابن الجنيد ، مؤيدا ذلك برواية معمر بن عمر.
ثم انه لا يخفى عليك ان أقصى ما يستفاد من أدلة القول الأول وجوب مسح بعض من الرأس بمقتضى الآية وشيء منه بمقتضى الأخبار ، ومن الظاهر المتفق عليه انه ليس المراد بعضا ما من الأبعاض ولا شيئا ما من الأشياء ، بل بعضا معينا من أبعاض الرأس وشيئا معينا من اجزائه. فلا بد من الرجوع إلى دليل معين لذلك البعض المراد ، وليس إلا هذه الأخبار الدالة على الإصبع أو الثلاث ، فكما انه بالنسبة إلى تعيين محل المسح من إطلاق الآية والأخبار المطلقة ، أوجبوا الرجوع إلى أخبار المقدم فخصوا إطلاقها به ، ولم يجوزوا المسح على غير المقدم من اجزاء الرأس ، فكذلك يجب ان يكون بالنسبة إلى مقدار المسح ، فيجب الرجوع إلى ما دل عليه من الأخبار ، وتخصيص الآية وجملة الأخبار الموافقة لها في الإطلاق به.
وبالجملة فالروايات في هذه المسألة ما بين مطلق ومقيد أو مجمل ومفصل ، والمقيد يحكم على المطلق والمفصل على المجمل ، فالعمل بالمفصل والمقيد متعين ما لم يظهر خلافه.
ورجح السيد السند في المدارك حمل الأخبار المقيدة على الاستحباب كما هو المشهور ، بعد ان احتمل ما ذكرناه من تقييد مطلق أخبار المسألة بمقيدها.
وأنت خبير بما فيه بعد ما ذكرناه ، فإنها عند التحقيق غير دالة على ما ذكروه من المسمى كما عرفت.