وكيف كان فهذه الأخبار محمولة على التقية (١) كما صرح به جملة من أصحابنا.
واستشكل السيد في المدارك هذا الحمل في صحيحة معمر بأنها لا تنطبق عليه ، لأنها متضمنة لمسح الرجلين وهم لا يقولون به.
ثم أجاب بأنهم يعترفون بصحة إطلاق اسم المسح على الغسل بزعمهم الفاسد ، وهو كاف في تأدي التقية.
واعترض هذا الجواب شيخنا البهائي (قدسسره) في الحبل المتين بان ما تضمنه الحديث من المسح بفضل الرأس يأبى عنه هذا التنزيل ، ثم قال (قدسسره) : «فلو نزل على مسح الخفين كان اولى» ثم رجح (قدسسره) ان إيماءه (عليهالسلام) برأسه نهى لمعمر عن السؤال لئلا يسمعه المخالفون ، فظن معمر انه (عليهالسلام) انما نهاه عن المسح ببقية البلل ، فقال : «أبماء جديد؟» فسمعه الحاضرون ، فقال (عليهالسلام) : «نعم».
أقول : ويمكن الجواب ـ عما اعترض به من إباء المسح بفضل الرأس هذا
__________________
(١) في المغني لابن قدامة ج ١ ص ١٣٠ «ويمسح رأسه بماء جديد غير ما فصل عن ذراعيه ، وهو قول أبي حنيفة والشافعي ، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم ، قاله الترمذي ، وجوزه الحسن وعروة والأوزاعي ، ثم قال : ولنا ما روى عبد الله بن زيد قال : «مسح النبي (ص) رأسه بماء غير فضل يديه». ولأن البلل الباقي في يده مستعمل فلا يجزئ المسح به كما لو فصله في إناء ثم استعمله» وفي بداية المجتهد لابن رشد ج ١ ص ١١ «أكثر العلماء أوجب تجديد الماء لمسح الرأس قياسا على سائر الأعضاء» وفي جامع الترمذي ج ١ ص ٥٣ من شرحه لابن العربي بعد ان ذكر رواية عبد الله بن زيد وغيره ان النبي (ص) أخذ لرأسه ماء جديدا قال : «والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم رأوا أن يأخذ لرأسه ماء جديدا». وفي أحكام القرآن للشافعي ج ١ ص ٥٠ «أخذ رسول الله (ص) لكل عضو ماء جديدا». وقال في الأم ج ١ ص ٢٢ : «والاختيار له ان يأخذ الماء بيديه فيمسح بهما رأسه معا : يبدأ بمقدم رأسه إلى قفاه ويردهما إلى المكان الذي بدا منه».