«ان الفرض في الوضوء إنما هو غسلة واحدة ، ووضع رسول الله (صلىاللهعليهوآله) للناس غرفتين لتلك الغسلة» فهو تحديد منه لما لم يرد له من الله تحديد ليس بتعد من حد ، وأما الثنتان في قوله : «واثنتان لا يؤجر» (١) فالمراد بهما الغسلتان ، والمراد بالواحدة والثنتين في قوله (٢) : «من لم يستيقن أن الواحدة من الوضوء تجزيه لم يؤجر على الثنتين» الغرفة والغرفتان ، والدليل على هذا التأويل ما مضى في حديث زرارة وبكير (٣) : «فقلنا أصلحك الله فالغرفة الواحدة تجزئ للوجه وغرفة الذراع؟ فقال : نعم إذا بالغت فيها والثنتان تأتيان على ذلك كله». انتهى.
وظني أن هذا الاحتمال أقرب من تلك الاحتمالات إلى الروايات ، لكن لا على ما يفهم من كلامه (رحمهالله) من حمل لفظ الواحدة والمرة على الغسلة كائنا ما كان ، بل على ما تقتضيه القرائن الحالية وتساعده المقامات المقالية ، ومن أن الغسلة المفروضة يستحب ان تكون بغرفتين دائما ، كما ذكره في توجيه رواية مؤمن الطاق (٤) من حمل الوحدة على الغسلة والتثنية على الغرفة ، وان ذلك تحديد منه (صلىاللهعليهوآله) لما فرضه الله تعالى ، فإنه خلاف ما استفاض عنه (صلىاللهعليهوآله) في حكاية وضوئه وعن أبنائه (عليهمالسلام) في الحكاية عنهم من أن الوضوء غرفة غرفة ، إذ لو كان قد وضع الغرفتين حدا لتلك الغسلة بمعنى أنه سن ان تكون الغسلة بغرفتين ، لكان هو (صلىاللهعليهوآله) أولى من لازم عليه كما ندب اليه ، وأبناؤه (عليهمالسلام) اولى من أحيى سنته ونهج طريقته ، بل الظاهر أن المراد منها أن الفرض الذي أوجبه الله تعالى في الوضوء الغسل ولو كالدهن ، وهو يحصل بالغرفة المتعارفة الغير المبالغ فيها ،
__________________
(١) في مرسل ابن أبي عمير المتقدم في الصحيفة ٣٢٥.
(٢) في رواية ابن بكير المتقدمة في الصحيفة ٣٢٥.
(٣) المروي في الوسائل في الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الوضوء.
(٤) المتقدمة في الصحيفة ٣٢٥.