في صحيحة الأخوين المتقدمة (١) «والثنتان تأتيان على ذلك كله». ثم قال : وأعلم أن المستفاد من كلام الأصحاب أن المستحب هو الغسل الثاني الواقع بعد إكمال الغسل الواجب ، وانه لو وقع الغسل الواحد بغرفات متعددة لم يوصف باستحباب ولا تحريم ، والأخبار إنما تدل ـ بعد التسليم ـ على أن المستحب كون الغسل الواجب بغرفتين ، والفرق بين الأمرين ظاهر» انتهى.
والظاهر أنه جنح هنا إلى القول الثالث الذي قدمنا نقله عن الشيخ في الخلاف وحمل عليه كلام المشايخ الثلاثة ، متمسكا بنفي الأجر على الثانية. وفيه ما قد عرفته سابقا في ذيل كلام ذينك الشيخين الأعظمين ، وهو (قدسسره) لم ينقل من كلام الصدوق إلا ما قدمنا نقله عنه أولا (٢) من قوله : «الوضوء مرة مرة ، ومن توضأ مرتين مرتين لم يؤجر ، ومن توضأ ثلاثا فقد أبدع» دون الكلام الأخير الذي هو ظاهر الدلالة بل صريحها فيما ادعيناه ، ثم ان قوله (طاب ثراه) : «واعلم أن المستفاد. إلخ» ظاهر الدلالة في الرجوع عما ذكره أولا ، إذ ظاهر الكلام الأول ان الثانية التي هي نهاية الجواز إنما هي بعد تمام الغسل الواجب ، وكلامه الأخير ظاهر المخالفة لذلك ، ولعل في قوله أولا : «وعلى هذا فيمكن. إلخ» إشارة إلى ذلك. ثم إنه مع الإغماض عما ذكرنا فهذا الحمل لا تنطبق عليه أخبار المسألة كملا على وجه يحسم مادة النزاع. لعدم جريانه في الأخبار الدالة على أن الثانية إسباغ كما هو ظاهر.
(السادس) ـ ما ذكره المحدث الكاشاني (قدسسره) في الوافي من حمل أحاديث الوحدة على الغسلة وأحاديث التثنية على الغرفة ، قال : «وبهذا تكاد تتوافق جميع الأخبار وينكشف عنها الغبار ، كما يطهر بعد التأمل في كل كل ، وإن كان أيضا لا يخلو من تكلف إلا أنه أقل تكلفا مما ذكروه ، فيصير معنى حديث مؤمن الطاق (٣)
__________________
(١) في الصحيفة ٣٢٤.
(٢) في الصحيفة ٣٢٠.
(٣) المتقدم في الصحيفة ٣٢٥.