نسيت فغسلت ذراعك قبل وجهك فأعد غسل وجهك ثم اغسل ذراعك بعد الوجه ...». وجه الاستدلال بها انه أمر بإعادة غسل الوجه الدال على فعله أولا ، وليس ذلك إلا لبطلان الوضوء بفوات المتابعة بين أعضاء الطهارة ، لا لفوات الترتيب ، لأنه يحصل بإعادة غسل الذراع خاصة.
والجواب انه لو كان الأمر كذلك لحصل المنافاة بين صدر هذه الرواية وعجزها حيث قال بعد ما قدمنا ذكره منها : «فإن بدأت بذراعك الأيسر قبل الأيمن فأعد غسل الأيمن ثم اغسل اليسار ، وان نسيت مسح رأسك حتى تغسل رجليك فامسح رأسك ثم اغسل رجليك» فإنه لو كان الأمر بإعادة غسل الوجه في صدرها انما هو لترك المتابعة ، لكان ينبغي الأمر بإعادة غسل الوجه في الفرضين الأخيرين ، مع انه اقتصر فيهما على اعادة ما أخر تقديمه نسيانا ثم اعادة ما قدمه عليه ليحصل الترتيب بين اجزاء الوضوء. نعم يرد الاشكال فيها من جهة أخرى وهو ان تحصيل الترتيب ممكن بدون اعادة غسل ما أخره نسيانا ، بان يعيد غسل ما قدمه عليه خاصة ثم ما بعده ، وهذه مسألة على حيالها قد تعارضت فيها الأخبار ، وسيجيء تحقيقها ان شاء الله تعالى ، على ان ظاهر الرواية ـ بناء على ما يدعيه المستدل ـ الابطال بترك الموالاة ولو نسيانا ، وهم لا يقولون به ، بل غاية ما يدعونه حصول الإثم مع العمد دون النسيان ، والشيخ في المبسوط وان قال بالإبطال إلا ان الظاهر انه يخصه بصورة العمد أيضا ، وحينئذ فلا انطباق للرواية على ما يدعونه منها.
و (منها) ـ قوله في موثقة أبي بصير المتقدمة (١) : «فإن الوضوء لا يبعض». وهو صادق مع الجفاف وعدمه.
والجواب انك قد عرفت آنفا من معنى هذا اللفظ ان المراد به حيث وقع تعليلا للإعادة مع الجفاف بطلان المبعض وعدم صحته ، وحينئذ فلو أريد بالتبعيض فيه مجرد
__________________
(١) في الصحيفة ٣٥٠.