التفريق كما يدعيه المستدل ، للزم القول ببطلان الوضوء بمجرد التفريق وان لم يحصل الجفاف ، وهو لا يقول به ، فالظاهر ان المراد بالتعليل ان الوضوء لا يبعض بان يصير بعضه رطبا وبعضه يابسا بالتفريق ، بمعنى انه لا يفرق على وجه يلزم منه يبس السابق.
و (منها) ـ رواية حكم بن حكيم المتقدمة (١) وجه الاستدلال بها ان المتابعة لو لم تكن واجبة لما حكم (عليهالسلام) بإعادة الوضوء ، مؤيدا ذلك بالتعليل : «ان الوضوء يتبع بعضه بعضا». فإنه يدل على ان المراد بالمتابعة عدم الفصل لا الترتيب ، لان حصول الترتيب لا يتوقف على اعادة الوضوء بل يكفي فيه الإتيان على العضو المنسي وما بعده.
والجواب ان روايات نسيان بعض اجزاء الوضوء (٢) قد اتفقت على ان الحكم في ذلك الإتيان بالجزء المنسي وما بعده ما لم يحصل الجفاف دون الابطال ، وهي مستفيضة ولا سيما الروايات الدالة على المسح بالبلة الباقية في أعضاء الوضوء لمن نسي مسح رأسه أو رجليه (٣) المتضمن جملة منها لعدم ذكر ان ذلك الا بعد الدخول في الصلاة ، على انهم ـ كما عرفت آنفا ـ لا يقولون بالإعادة إلا في حال الجفاف ، وانما غاية ما يدعونه حصول الإثم مع التخصيص بصورة العمد ، وإلا لوردت عليهم الأخبار المذكورة ، وحينئذ فالواجب حمل هذه الرواية على اعادة الوضوء بالجفاف الموجب لفوات الموالاة ويحتمل أيضا حمل اعادة الوضوء على الإتيان بما نسي منه وما بعده وهو الأنسب بالتعليل واما على تقدير المعنى الأول فالأظهر في معنى التعليل المذكور حمله على ما تقدم في معنى قوله : «فان الوضوء لا يبعض» والمعنى حينئذ انه يعيد الوضوء لبطلان السابق بالجفاف ، فان الوضوء يتبع بعضه بعضا ولا يفرق على وجه يجف السابق ، وعليه
__________________
(١) في الصحيفة ٣٥٢.
(٢) المروية في الوسائل في الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الوضوء.
(٣) المروية في الوسائل في الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الوضوء.