لأن الأصل في الإضافة العهد وكذا الموصول ، وحينئذ فالظاهر ان يكونا إشارة إلى الطرفين المتعارفين المعهودين. وأيضا الظاهر ان الأنعام إنما يتحقق في الطرفين الطبيعيين واما غيرهما فليس من باب النعمة بل النقمة.
وحجة الثاني ـ على ما نقل عن الشيخ في المبسوط ـ عموم قوله : «أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ ...» (١) وما يروى من الأخبار ـ ان الغائط ينقض الوضوء ـ يتناول ذلك ، ولا يلزم ما فوق المعدة ، لأن ذلك لا يسمى غائطا.
وجوابه يعلم مما سبق. واما قوله : «ان ما فوق المعدة لا يسمى غائطا» فأورد عليه المحقق في المعتبر انه ضعيف قال : «لأن الغائط اسم للمطمئن من الأرض نقل الى الفضلة المخصوصة ، فعند هضم المعدة الطعام وانتزاع الاجزاء الغذائية منه يبقى الثقل ، فكيف خرج يتناوله الاسم ولا اعتبار بالمخرج في تسميته».
وأجاب عنه شيخنا البهائي في كتاب الحبل المتين بان غرض الشيخ (رحمهالله) انه إنما يسمى غائطا بعد انحداره من المعدة إلى الأمعاء وخلعه الصورة النوعية الكيلوسية التي كان عليها في المعدة ، اما قبل الانحدار عن المعدة فليس بغائط إنما هو من قبيل القيء ، وليس مراده وقوع المخرج فيما سفل عن المعدة أو فيما علاها ، إذ لا عبرة بتحتية نفس المخرج وفوقيته ، بل بخروج الخارج بعد انحداره عن المعدة وصيرورته تحتها أو قبل ذلك ، غايته انه ـ رحمهالله ـ عبر عما يخرج قبل الانحدار عنها بما يخرج من فوقها وعما يخرج بعده بما يخرج من تحتها ، والأمر فيه سهل. ولا يخفى بعده من كلام الشيخ.
وأنت خبير بأنه على هذا التوجيه الذي ذكره (قدسسره) يرتفع الخلاف بين الشيخ وبين ابن إدريس ويصير القولان قولا واحدا.
وحجة القول الثالث ـ على ما نقل عن قائله ـ عموم الآية والاخبار ، ولعله أشار بالأخبار إلى ما ورد منها مطلقا بنقض الثلاثة من غير تقييد بالمخرج الطبيعي ،
__________________
(١) سورة النساء والمائدة. الآية ٤٣ و ٦٠.