ومقت الله أهل الكتاب فلا يعطيهم خيرا لخير عندهم ، ولا يصرف عنهم شرا لشر عندهم ، قد غيروا كتابهم ، وأتوا عليه ما ليس فيه ، والعرب الأميون صفر من الله لا يعبدونه ولا يدعونه ، أجهدهم عيشا ، وأضلهم دينا في ظلف من الأرض مع قلة السحاب ، فجمعهم الله بمحمّد صلىاللهعليهوسلم ، وجعلهم الأمة الوسطى ، نصرهم بمن اتبعهم ونصرهم على غيرهم ، حتى قبض الله نبيه ، فركب منهم الشيطان مركبه الذي أنزله الله عنه ، وأخذ بأيديهم ، وبغى هلكتهم : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) [آل عمران ١٤٤] إن من حولكم من العرب منعوا شاتهم وبعيرهم ، ولم يكونوا في دينهم ـ وإن رجعوا إليه ـ أزهد منهم يومهم هذا ، ولم تكونوا في دينكم أقوى منكم يومكم هذا ، على ما قد فقدتم من بركة نبيكم صلىاللهعليهوسلم ، ولقد وكلكم إلى الكافي ، الذي وجده ضالا فهداه ، وعائلا فأغناه ، وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ، والله لا أدع أن أقاتل على أمر الله حتى ينجز الله وعده ، ويوفى لنا عهده ، ويقتل من قتل منا شهيدا من أهل الجنة ، ويبقى من بقي منا خليفته وورثته في أرضه ، قضاء الله الحق ، وقوله الذي لا خلف له : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) الآية [النور ٥٥]. ثم نزلرحمهالله.
أخبرنا أبو سعيد محمّد بن موسى الصّيرفيّ قال : سمعت أبا العبّاس محمّد بن يعقوب الأصم يقول : سمعت العبّاس بن محمّد الدّوريّ يقول : سمعت يحيى بن معين يقول : اسم ابن داب عيسى بن يزيد.
أخبرنا الأزهري ، أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال : ابن داب الأخباري هو عيسى ابن يزيد بن بكر بن داب بن كرز بن الحارث بن عبد الله بن أحمد بن يعمر. قاله ابن الكلبي.
قلت : ويعمر هو الشداخ بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر.
أخبرنا الأزهري ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن عرفة قال : لم يتول الخلافة قبل الهادي بسنة أحد ، لأنه كان حدثا ، وكانت فيه شكاسة شديدة ، وصعوبة عرام ، وقلة احتمال ، وسوء ظن ، وكان يكره أن يسأل ، فإذا أعطى أجزل العطية وتابعها. وكان يحب الأدب وأهله ، ويعطى عليه ، وكان عيسى بن داب يجالسه ،