حدثني عليّ بن محمّد بن الحسن المالكيّ قال : جاء رجل إلى عبد الصّمد بمائة دينار ليدفعها إليه ، فقال أنا غني عنها ولست بمحتاج إليها ، قال : ففرقها على أصحابك هؤلاء، فقال : ضعها على الأرض ففعل ، ثم قال عبد الصّمد للجماعة : من احتاج منكم إلى شيء فليأخذ على قدر حاجته ، فتوزعتها الجماعة على صفات مختلفة في القلة والكثرة ، ولم يمسها هو بيده ، ثم جاءه ابنه بعد ساعة فطلب منه شيئا ، فقال له : اذهب إلى البقال فخذ عليّ منه ربع رطل تمر. حدثني التنوخي قال : كنت يوم الجمعة في جامع المنصور والخطيب على المنبر ، وعلى يساري عليّ بن طلحة البصريّ ، فمددت عيني فرأيت عبد الصّمد بالقرب مني ، فهممت بالنهوض إليه ـ وكان صديقا لي ـ فاحتشمت من القيام في مثل ذلك الوقت مع قرب قيام الصّلاة ، فقام ومشى نحوي ، فقمت إليه فقال لي : اجلس أيها القاضي فليس إليك قصدت ، ولا لك أردت بمجيئي ، أنا هذا أردت وإليه قصدت ـ يعني ابن طلحة ـ وذاك أن نفسي تأباه وتكرهه ، فأردت أن أذلها بقصده ، وأخالف إرادتها وشهوتها ، فجئته وقصدته ، قال : فقام ابن طلحة إليه وقبل رأسه ، وعاد عبد الصّمد إلى موضعه.
قال التنوخي : وحدثني من حضر عبد الصّمد ـ وقد احتضر ـ فدخلت عليه أم الحسن بنت القاضي أبي محمّد بن الاكفاني ـ وكانت أحد من يقوم بأمره ويراعيه ـ فقالت له : أسألك وأقسم عليك إلا سألتني حاجة ، فقال : لها نعم ، كوني لهبيّة ـ يعني ابنته ـ بعد موتي كما أنت لها في حياتي ، فقالت : أفعل ، ثم أمسك ساعة وقال : أستغفر الله وكررها ، الله خير لها منك.
حدّثنا الخلال والعتيقي وأحمد بن عليّ بن التوزي قالوا : سنة سبع وتسعين وثلاثمائة فيها مات عبد الصّمد الواعظ قال العتيقي : في ذي الحجة. وقال الخلال : في آخر ذي الحجة ، وقال ابن التوزي في يوم الثلاثاء لسبع بقين من ذي الحجة.
سمع أحمد بن سلمان النّجّاد. حدثني عنه أبو طاهر محمّد بن أحمد الأشناني ، وكان شيخا صالحا صدوقا. مات في شهر رمضان سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
سمع ابن مالك القطيعي ، وأبا بكر بن إسماعيل الورّاق ، ومحمّد بن إبراهيم بن
__________________
٥٧٢٥ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٥ / ٣٠٣.