عبد الله بن علاثة أخ يسمى زياد بن عبد الله يخلف أخاه على القضاء بعسكر المهديّ ، فاستعان بعمر بن حبيب العدوي ينظر في أمور الناس بالشرقية ، فولاه المهديّ الشرقية رئاسة ، وقيل ولاه من قبل أبي يوسف ، ثم ولاه الرّشيد قضاء البصرة ، فقال ليحيى بن خالد : إنكم تبعثونني إلى ملك جبار لا آمنه ـ يعني محمّد بن سليمان فبعث يحيى معه قائدا في مائة ، فكان إذا جلس للقضاء أقام الجند عن يمينه وعن يساره سماطين ، فلم يكن قاض أهيب منه ، وكان لا يكلم في طريق.
وقال طلحة : حدثني محمّد بن أحمد القاضي عن محمّد بن خلف عن محمّد بن سعد الكدّاني قال : حدثني إبراهيم بن عمر بن حبيب قال : كلم يونس بن حبيب أبي في حاجة فأبطأ عليه. فقعد له على الطريق فقال :
وتعزل ، يوم تعزل ، لا يساوي |
|
صنيعك في صديقك نصف مد |
فقضى أبي حاجته.
أخبرني الأزهري ، حدّثنا عبيد الله بن محمّد بن حمدان العكبريّ ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن القاسم النّحويّ ، حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يونس الكديمي ، حدّثنا يزيد ابن مرة الزارع قال : حدّثنا عمر بن حبيب قال : حضرت مجلس هارون الرّشيد ، فجرت مسألة فتنازعها الحضور ، وعلت أصواتهم فاحتج بعضهم بحديث يرويه أبو هريرة عن النبيصلىاللهعليهوسلم ، فرفع بعضهم الحديث ، وزادت المدافعة والخصام ، حتى قال قائلون منهم : لا يحل هذا الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فإن أبا هريرة متهم فيما يرويه ، وصرحوا بتكذبيه ، ورأيت الرّشيد قد نحا نحوهم ، ونصر قولهم ، فقلت أنا : الحديث صحيح عن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، وأبو هريرة صحيح النقل ، صدوق فيما يرويه عن نبي الله وغيره ، فنظر إلىّ الرّشيد نظر مغضب ، فقمت من المجلس ، فانصرفت إلى منزلي فلم ألبث حتى قيل صاحب البريد بالباب ، فدخل علىّ فقال لي : أجب أمير المؤمنين إجابة مقتول ، وتحنط وتكفن. فقلت : اللهم إنك تعلم أني دفعت عن صاحب نبيك ، وأجللت نبيك صلىاللهعليهوسلم أن يطعن على أصحابه فسلمني منه ، فأدخلت على الرّشيد وهو جالس على كرسي من ذهب ، حاسر عن ذراعيه ، بيده السيف ، وبين يديه النطع ، فلما بصر بي قال لي : يا عمر بن حبيب ما تلقاني أحد من الرد والدفع لقولي بمثل ما تلقيتني به! فقلت : يا أمير المؤمنين إن الذي قلته وجادلت عليه فيه إزراء على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعلى ما جاء به ، إذا كان أصحابه كذابين فالشريعة باطلة ، والفرائض