قال : سنة خمس وثمانين فيها توفي عبد الصّمد بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس بن عبد المطّلب ، وقد بلغ من السن إحدى وثمانين سنة ، وصلى عليه ليلا ، تولى الصّلاة عليه الرّشيد ، ودفن بباب البردان ، وكان أقعد بني هاشم في النسب ، وكانت فيه خلال ، منها أنه ولد في سنة أربع ومائة ، وتوفي سنة خمس وثمانين ، وولد أخوه محمّد ابن عليّ سنة ستين ، فكان بينه وبين أخيه في المولد أربع وأربعون سنة. وتوفي محمّد بن عليّ سنة ست وعشرين ، وتوفي عبد الصّمد سنة خمس وثمانين فكان بينهما في الوفاة تسع وخمسون سنة. وحج يزيد بن معاوية سنة خمسين ، وحج عبد الصّمد بالناس سنة خمسين ومائة ، وهما في النسب إلى عبد مناف سواء ، وولد عبد الله بن الحارث على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو وعبد الصّمد في النسب إلى عبد مناف سواء ، وأدرك أبا العبّاس وهو ابن أخيه ، ثم أدرك أبا جعفر ، ثم أدرك المهديّ وهو عم أبيه ، ثم أدرك الهادي وهو عم جده ، ثم أدرك الرّشيد.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن جعفر الخالع الشّاعر ، أخبرنا أحمد بن الفضل بن خزيمة المقرئ ، أخبرنا أبو العبّاس أحمد بن يحيى ، أخبرني عافية بن شبيب قال : كانت في عبد الصّمد بن عليّ عجائب ، منها أنه مات بأسنانه التي ولد بها ، ومنها أنه قام على منبر قام عليه يزيد بن معاوية وبينهما مائة سنة وهما في النسب إلى عبد مناف مثلان ، ومنها أنه دخل سردابا يندف فيه فطارت ريشتان فلصقتا بعينيه فذهب بصره ، ومنها أنه كان يوما عند الرّشيد فقال : يا أمير المؤمنين هذا مجلس فيه أمير المؤمنين ، وعم أمير المؤمنين، وعم عمه ، وعم عم عمه. ومنها أن أمه كثيرة التي كان عبيد الله بن قيس الرقيات يشبب بها في شعره ويقول :
عاد له من كثيرة الطرب
قال عافية : سليمان بن أبي جعفر عم الرّشيد ، والعباس عم سليمان ، وعبد الصّمد عم العبّاس.
أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال : قال أحمد بن كامل القاضي : مات عبد الصّمد بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس ببغداد في سنة خمس وثمانين ومائة ، ودفن في مقابر باب البردان ، وكان عظيم الخلق ، وكانت أسنانه صمتا ، قطعة واحدة من فوق ، وقطعة واحدة من أسفل ، وكان خرج مع أخيه عبد الله بن عليّ حين خالف على المنصور ، وجعله ولي عهده ، وأمه كثيرة التي يقول فيها عبيد الله بن قيس :