القاضي من هذا. فقال : يا أبا الحسن هذه حاجة الدهر. ثم أمر له بثياب وطيب ومركب بسرجه ولجامه ، ولم يزل حتى قال له : في هذا الإسناد من لا يعمل عليه ولا على ما يرويه ، وهو قيس بن أبي حازم ، إنما كان أعرابيا بوالا على عقبيه. فقبل ابن أبي دؤاد ابن المديني واعتنقه ، فلما كان الغد ، وحضروا قال ابن أبي دؤاد : يا أمير المؤمنين يحتج في الرؤية بحديث جرير ، وإنما رواه عنه قيس بن أبي حازم وهو اعرابي بوال على عقبيه ، قال : فقال أحمد بن حنبل بعد ذلك : فحين أطلع لي هذا ، علمت أنه من عمل عليّ ابن المديني : فكان هذا وأشباهه من أوكد الأمور في ضربه.
قلت : أما ما حكى عن عليّ بن المديني في هذا الخبر من أن قيس بن أبي حازم لا يعمل على ما يرويه لكونه أعرابيا بوالا على عقبيه ، فهو باطل. وقد نزه الله عليا عن قول ذلك ، لأن أهل الأثر ـ وفيهم عليّ ـ مجمعون على الاحتجاج برواية قيس بن أبي حازم وتصحيحها ، إذا كان من كبراء تابعي أهل الكوفة ، وليس في التابعين من أدرك العشرة المقدمين ، وروى عنهم غير قيس ، مع روايته عن خلق من الصحابة سوى العشرة ، ولم يحك أحد ممن ساق خبر محنة أبي عبد الله أحمد بن حنبل أنه نوظر في حديث الرؤية فإن كان هذا الخبر المحكي عن ابن فهم محفوظا فأحسب أن ابن أبي دؤاد تكلم في قيس بن أبي حازم بما ذكر في الحديث وعزا ذلك إلى عليّ بن المديني والله أعلم.
وقد ذكر عليّ بن المديني قيس بن أبي حازم فقال ما : أخبرنا عليّ بن محمّد بن عبد الله المعدّل ، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق قال : قرئ على محمّد بن أحمد بن البراء ـ وأنا حاضر ـ قال : قال عليّ بن عبد الله المديني : قيس بن أبي حازم سمع من أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وسعد بن أبي وقاص ، والزبير ، وطلحة بن عبيد الله ، وأبي شهم (٤) ، وجرير بن عبد الله البجلي ، وأبي مسعود البدري ، وخباب بن الأرت ، والمغيرة بن شعبة ، ومرداس بن مالك الأسلمي ، والمستورد بن شداد الفهري ، ودكين بن سعيد المزني ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وعمرو بن العاص ، وأبي سفيان بن حرب ، وخالد بن الوليد ، وحذيفة بن اليمان ، وعبد الله بن مسعود ، وسعيد بن زيد ، وأبي جحيفة. قيل لعلي : هؤلاء كلهم سمع منهم قيس بن أبي حازم سماعا؟ قال : نعم سمع منهم سماعا ، ولو لا ذلك لم نعزه له سماعا ، قيل له : شهد الجمل؟ قال : لا
__________________
(٤) في المطبوعة : «وأبى رهم» تحريف.